للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا اختيار أبي عُبَيْدة والمُبَرِّد والزَّجَاج وغيرهم (١) .

قال المبرِّد: "وحذفُ الجواب أبلغ عند أهل العلم" (٢) .

قال أبو الفتح بن جِنِّي: "وأصحابنا يَدفعون زيادة الواوِ ولا يُجِيْزونه، ويرون أنَّ الجواب محذوفٌ للعلم به" (٣) .

بَقِيَ أنْ يقالَ: فما السِّرُّ في حذف الجواب في آية أهل الجنَّة، وذِكْرِهِ في آية أهل النَّارِ؟ فيقال: هذا أبلغُ في الموضعين، فإنَّ الملائكة تسوق أهل النَّارِ إليها، وأبوابُها مُغلقة، حتَّى إذا وصلوا (٤) إليها فتحت في وجوههم ففجأهم (٥) العذابُ بغتةً، فحين انتهوا إليها {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} بلا مُهْلَة، فإنَّ هذا شأن الجزاء المترتب على الشرط أن يكون عقيبه، فإنَّها دار الإهانة والخِزي، فلم يُسْتأذن لهم في دخولها، ويُطلبُ إلى خزنتها أنْ يمكنوهم من الدخول.

وأمَّا الجنَّة فإنَّها دار اللَّهُ، ودار كرامته، ومحل خواصّه وأوليائه، فإذا انتهوا إليها صادفوا أبوابها مغلقة فيرغبون إلى صاحبها ومالكها أنْ يفتحها لهم، ويستشفعون إليه بأُولي العزم من رسله، فكلهم يتأخَّر عن ذلك، حتَّى تقع الدَّلالة على خاتمهم وسيدهم وأفضلهم فيقول: "أنا


(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٤/ ٣٦٤)، و"مجاز القرآن" (٢/ ١٩٢).
(٢) انظر: * المقتضب له: (٢/ ٧٧ - ٧٨) *.
(٣) انظر: * "سِرّ صناعة الإعراب" له: (٢/ ٦٤٦) *.
(٤) من قوله: "في الموضعين" إلى "وصلوا" سقط من "ج" ووقع في "أ، ب، د": "دخلوا"، وفي "هـ": "دخلوها" بدلًا من "وصلوا" وهو خطأ.
(٥) في "ج": "فيفجئهم"، وفي نسخةٍ على حاشية "أ": "فيجيئهم".