للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها" (١) : فيأتي إلى تحتِ العرش ويخرُّ ساجدًا لربه، فيدعه ما شاء أنْ يدعه، ثمَّ يأذنُ له في رفع رأسهِ، وأنْ يسأل حاجته، فيشفع إليه سبحانه في فتح أبوابها فيشفعه، ويفتحها تعظيمًا لخطرها، وإظهارًا لمنزلة رسوله وكرامته عليه.

وإنَّ مثل هذه الدَّار التي هي دار ملك الملوك ورب العالمين، إنَّما دُخِلَ إليها بعد تلك الأهوالِ العظيمة التي أولها من حين عقل العبد في هذه الدَّار إلى أنْ انتهى إليها، وما رَكِبَهُ من الأطباق طبقًا بعد طبق، وقاساه من الشدائد شدَّةً بعد شدَّة، حتَّى أذنَ اللَّهُ تعالى لخاتم أنبيائه ورسله، وأحبِّ خلقه إليه أنْ يشفع إليه في فتحها لهم.

وهذا أبلغُ وأعظمُ في تمام النِّعمة وحصول الفرحِ (٢) والسُّرور ممَّا يُقَدَّرُ بخلاف ذلك، ولئلا يتوهمُ الجاهل أنَّها بمنزلة الخان (٣) الَّذي


(١) أخرجه البخاري رقم: (٦١٩٧)، ومسلم رقم (١٩٣) - (٣٢٦) واللفظ لمسلم من حديث أنس بن مالك رضي اللَّهُ عنه.
تنبيه: ليس في حديث الشفاعة الطويل ما ذكره المؤلفُ "من أنَّ طلبهم للشفاعة كان بسبب وجودهم أبواب الجنَّة مغلقة، بل الَّذي جاء فيه - وهذا لفظه -: "يجمعُ اللَّهُ النَّاس يوم القيامة، فيهتمُّون -وفي لفظٍ: فيلهمون- لذلك، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، قال فيأتون آدم. .، وذكر الحديث بطوله واللفظ لمسلم.
فَلَعَلَّه في حديثٍ آخر فلينظر.
(٢) في "ج": "الفَرَج".
(٣) الخان: الذي للتُّجارِ. أي: المتجر، ويحتمل: الفندق. انظر: "الصحاح": (٢/ ١٥٥١)، و"المعجم الوسيط" ص (٢٨٦).