للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصحَّح الترمذي من حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: "صلَّى بنا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العشاء ثمَّ انصرف، فأخذ بيدي حتى خرج بي إلى بطحاء مكة، فأجلسني ثمَّ خطَّ عليَّ خطًّا، ثمَّ قال: لا تبرحنَّ خطَّكَ، فإنَّه سينتهي إليك رجال فلا تكلمهم؛ فإنَّهم لا يكلمونك، ثمَّ مضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حيث أراد، فبينا أنا جالسٌ في خطِّي، إذ أتاني رِجالٌ كأنَّهم الزُّطُّ (١) ، أشعارهم وأجسامهم، لا أرى عورةً، ولا أرى قِشْرًا، وينتهون إليَّ لا يجاوزون الخطَّ، ثمَّ يصدرون إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتَّى إذا كان من آخر الليل، لكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد جاءني وأنا جالسٌ فقال: "لقد أُراني (٢) منذُ الليلة"، ثمَّ دخل عليَّ في خَطِّي فتوسَّدَ فخذي فرقد، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا رقد نفخ، فبينا أنا قاعدٌ، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- متوسدٌ فخذي إذا أنا برجالٍ عليهم ثيابٌ بيضٌ، اللَّه أعلمُ ما بهم من الجمال، فانتهوا إليَّ فجلس طائفةٌ منهم عند رأس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وطائفة منهم عند رجليه، ثمَّ قالوا: ما رأينا عبدًا قطُّ (٣) أوتي مثل ما أوتي هذا النَّبي، إنَّ عينيه تنامان وقلبُهُ يقظان، اضربوا له مثلًا، مثلَ سيدٍ بنى قصرًا ثمَّ جعل مأدُبةً فدعا النَّاس إلى طعامه وشرابه، فمن أجابه أكلَ من طعامه وشرب من شرابه، ومن لم يجبه عاقبه أو قال عذبه، ثمَّ ارتفعوا واستيقظ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عند ذلك


(١) الزُّطّ: جيل من النَّاس. الواحد: زُطِّي، مثل: الزنج وزنجي، والرُّوم ورومي. الصحاح (١/ ٨٨٢).
(٢) في "ب": "رأى"، وفي باقي النسخ "رآني"، والمثبت من سنن الترمذي، ومعنى: "أُراني": أي لم أنم.
(٣) من الترمذي.