للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدعاءُ من أهمِّ الأدعية وأنفعها، وهم أحوجُ إليه من كثير من الأدعية.

وأمَّا قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} [الأنبياء: ١١٢]، فهذا سؤال له سبحانه أن ينصرهم على أعدائهم، فيحكم لهم عليهم بالنَّصر والغلبة.

وكذلك سؤال الملائكة ربهم أنْ يغفر للتَّائبين، هو من الأسباب التي توجب بها لهم المغفرة، فهو سبحانه نَصَبَ الأسباب التي يفعل بها ما يريده بأوليائه (١) وأعدائه، وجعلها أسبابًا لإرادته، كما جعلها أسبابًا لوقوع مراده، فمنه السَّبَبُ والمُسَبَّبُ.

وإنْ أشكل عليك ذلك، فانظر إلى خلقه الأسباب التي توجب محبته وغضبه، فهو يحب ويرضى، ويغضب ويسخط عن (٢) الأسباب التي خلقها وشاءها، فالكل منه وبه، فهو مبتدئٌ من مشيئته، وعائدٌ إلى حكمته وحمده (٣) .

وهذا بابٌ عظيمٌ من أبواب التوحيد لا يَلِجُهُ إلَّا العالمون باللَّهِ.

ونظيرُ هذه الآية في سؤاله ما وعد به (٤) قوله تعالى: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (١٥) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا} [الفرقان: ١٥ - ١٦]،


(١) في "ج": "وأوليائه" وهو خطأ.
(٢) في "أ، ج، هـ، د": "غير"، ولعلَّ المثبتَ هو الصواب.
(٣) في المطبوعة "وحده".
(٤) في "ب، ج، د، هـ": "به في".