للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسألهُ إيَّاهُ عباده المؤمنون، ويسأله إيَّاهُ ملائكته لهم، فالجنَّةُ تسأل ربها أهلها، وأهلها يسألونه إيَّاها، والملائكة تسألها لهم، والرسل يسألونه إيَّاها لهم (١) ولأتباعهم، ويوم القيامة يُقِيمهم سبحانه بين يديه يشفعون فيها لعباده المؤمنين، وفي هذا من تمام ملكه وإظهار رحمته وإحسانه وجوده وكرمه وإعطائه ما سُئِلَ = ما هو من لوازم أسمائه وصفاته (٢) ، واقتضائها لآثارها ومتعلقاتها، فلا يجوز تعطيلها عن آثارها وأحكامها، فالربُّ تعالى جوادٌ له الجُوْد كله، يحب أنْ يُسْأَل ويُطْلَبُ منه ويُرْغبُ إليه، فَخَلَقَ مَنْ يسأله وألْهَمه سؤاله، وخلق له ما يسأله إيَّاهُ، فهو خالق السائل وسؤاله ومَسْؤوله، وذلك لمحبته لسؤال (٣) عباده له، ورغبتهم إليه، وطلبهم منه، وهو يغضبُ إذا لم يُسْأل (٤) .

وأحب خلقه إليه أكثرهم وأفضلهم له سؤالًا، وهو يُحب المُلِحِّين (٥) في الدعاء، وكلَّما ألحَّ العبد عليه في السؤال أحبَّهُ وأعطاهُ.

وفي الحديث: "مَنْ لم يسأل اللَّه يغضب عليه" (٦) .


(١) قوله "والرسل يسألونه إيَّاها لهم" من "ب، ج، د، هـ".
(٢) في "أ": "وصفاتها".
(٣) في "ب": "سؤال".
(٤) جاء في نسخة على حاشية "د" ما نصه:
لا تسألنَّ بنيَّ آدم حاجةً ... وَسَل الَّذِي أبوابه لا تُحْجَبُ
اللَّهُ يغضبُ إنْ تَرَكتَ سُؤاله ... وبني آدم حين يُسْأَلُ يغضبُ
وانظر: "المستطرف" للأبشيهي (٢/ ٣٠١).
(٥) في نسخة على حاشية "أ، هـ": "الملحِّين له".
(٦) أخرجه الترمذي برقم (٣٣٧٣) وابن ماجه (٣٨٢٧)، والبخاري في الأدب =