للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذي استحق به هؤلاء دخول الجنَّة بغير حساب، هو تحقيق التوحيد وتجريده، فلا يسألون غيرهم أنْ يرقيهم، ولا يتطيرون -والطيرة: نوعٌ من الشرك- ويتوكلون على اللَّهِ وحده لا على غيره، وتركهم الاسترقاء والتطير هو من تمام التوكل على اللَّهِ كما في الحديث: "الطيرة شرك"، قال ابن مسعود: "وما منَّا إلَّا، ولكن اللَّه يذهبه بالتوكل" (١) .

فالتوكل ينافي التطير، وأمَّا رقية الغير فهي إحسان من الرَّاقي، وقد رقى رسولَ اللَّهِ جبريلُ، وأذن (٢) في الرُّقا (٣) ، وقال: "لا بأس بها ما لم يكن فيها شرك" (٤) ، واستأذنوه فيها فقال: "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه" (٥) ، وهذا يدلُّ على أنَّها نفع وإحسان، وذلك مستحب


(١) أخرجه الترمذي برقم (١٦١٤)، وأبو داود برقم (٣٩١٠)، وابن ماجه برقم (٣٥٣٨)، وأحمد (١/ ٣٨٩)، وابن حبان (٦١٢٢)، والحاكم (١/ ٦٤ - ٦٥) رقم (٤٣ و ٤٤).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلَّا من حديث سلمة ابن كهيل. . . ".
والحديث صححه الترمذي وابن حبان والحاكم والذهبي والعراقي وغيرهم.
وقوله "وما منَّا إلَّا. . . " مدرجٌ من قول عبد اللَّه بن مسعود قاله سليمان بن حرب.
(٢) في "ب، د" "بل وأذن".
(٣) يشير إلى حديث عائشة وأبي سعيد الخدري عند مسلم رقم (٢١٨٥ و ٢١٨٦).
(٤) أخرجه مسلم برقم (٢٢٠٠) من حديث عوف بن مالك الأشجعي.
(٥) أخرجه مسلم برقم (٢١٩٩) من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّهُ عنهما.