للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتترجَّح القراءة الأولى بوجهٍ رابعٍ أيضًا: وهو: أنَّ العرب تجيء بالجمع الَّذي هو (١) في لفظ الواحد، فيجرونه مجرى الواحد، كقوله تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا} [يس: ٨٠]، وكقوله: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) } [القمر: ٢٠]، فإذا كانوا قد أفردوا صفات هذا النوع من الجمع، فإفراد صفة الواحد، وإنْ كان في معنى الجمع أولى.

وفي {وَإِسْتَبْرَقٌ} قراءتان: الرفع: عطفًا على ثياب. والجرُّ: عطفًا على سندس.

وتأمَّل كيف جمع لهم بين نوعي الزينة الظاهرة من اللباس والحلي، كما جمع لهم بين الظاهرة والباطنة، كما تقدم قريبًا، فجمَّل البواطن بالشراب الطهور، والسواعد بالأساور، والأبدان بثياب الحرير.

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٢٣) } [الحج: ٢٣].

واختلفوا في جرِّ "لؤلؤ" ونصبه (٢) ، فمن نصبه ففيه وجهان:


(١) سقط من "ج".
(٢) انظر: معاني القرآن للفرَّاء (٢/ ٢٣٠)، ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج (٣/ ٤١٩ - ٤٢٠)، وتفسير الطبري (١٧/ ١٣٦)، والكشاف للزمخشري (٣/ ١٥٠ - ١٥١) وغيرها.