للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليكم أزلين مشفقين، فيظل يضحك، قد علم أنَّ غِيَرَكُم إلى قرب" (١) ، قال لقيط: قلتُ: لن نعدم من ربٍّ يضحك خيرًا، وعلمَ يوم السَّاعة، قلتُ: يا رسول اللَّه، علمنا مما تُعَلَّمُ النَّاسَ، وما تَعْلَمُ، فإنَّا من قَبيلٍ لا يصدقون تصديقنا أحد: من مَذْحِج التي تَرْبُوا علينا، وخثعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها. قال: تلبثون ما لبثتم، ثمَّ يُتَوفَّى نبيكم، ثمَّ تلبثون ما لبثتم، ثمَّ تُبْعَثُ الصائحة، لعَمْرُ إلهِكَ ما تدَعُ على ظهرها شيئًا إلَّا ماتَ، والملائكة الَّذين مع ربِّك عزَّ وجلَّ، فأصبحَ ربُّكَ عزَّ وجلَّ يطوفُ في الأرضِ وخلَتْ عليه البلاد، فأرسل ربُّك عزَّ وجلَّ السماء بهَضْبٍ (٢) من عند العرشِ، فلعمرُ إلهك ما تدعُ على ظهرها من مصرع (٣) قتيل، ولا مدفن ميت إلَّا شقَّت القبر عنه، حتَّى تخلقه (٤) من عند رأسهِ، فيستوي جالسًا، فيقول ربك: مَهْيَمْ (٥) ، لما كان فيه. يقول: يا رب أمِتْني اليوم، ولعهده بالحياةِ يحسبه حديثًا بأهله، فقلتُ: يا رسول اللَّه، كيف يجمعنا بعدما تُمزقنا الرِّياح والبِلَى والسِّباع؟ قال: أُنْبِئُك بمثل ذلك في آلاءِ اللَّه: الأرض، أشرفت عليهَا وهي مدرة بالية، فقَلت: لا تحيا أبدًا، ثمَّ أرسل ربك عزَّ وجل عليها السماء فلم تلبث عليك إلَّا أيَّامًا حتى أشْرفْتَ عليها، وهي شَرَبَّة واحدة، ولَعَمْرُ إلهك لهو أقدرُ على أنْ يجمعهم من الماءِ على أنْ يجمع نبات الأرضِ،


(١) في "ب، ج، د، هـ": "إليَّ قريب".
(٢) في "د": "تهضِب". والمراد: المطر
(٣) في نسخةٍ على "د": "مفزع".
(٤) في "هـ" ونسخةٍ على "أ": "تجعله" وفي "أ، ج": "تخلفه".
(٥) كلمة استفهام، أي: ما حالك؟ وما شأنك، أو: ما وراءك. الوسيط، ص (٩٢٩).