للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيخرجون من الأصواء (١) ، ومن مصارعهم، فتنظرون إليه وينظر إليكم (٢) ، قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، فكيف ونحن ملء الأرض، وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظرُ إليه، قال: أُنْبِئُك بمثل ذلك في آلاءِ اللَّه عزَّ وجلَّ: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعةً واحدةً، لا تضارون في رؤيتهما، ولعمرُ إلهك، لهو أقدرُ على أنْ يراكم وترونه منهما (٣) ، قلتُ: يا رسول اللَّهِ، فما يفعل ربنا عزَّ وجلَّ، إذا لقيناه؟ قال: تعرضون عليه باديةً له صَفَحاتكم لا يخفى عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عزَّ وجلَّ بيده غُرْفَةً من الماءِ فينضح قِبَلكم (٤) بها، فلعمرُ إلهك ما تخطئ وجه أحدكم منها قطرة، فأمَّا المسلم فتدع وجهه مثل الرَّيطة (٥) البيضاء، وأمَّا الكافرُ فتخطمه بمثل الحُمم الأسود، ألا ثُمَّ ينصرف نبيكم -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويفترقُ على أثرهِ الصَّالحون، فيسلكون جسْرًا من النَّارِ، فيطأ أحدكم الجمرة فيقول: حَسِّ (٦) ، فيقول ربك: أَوَانُهُ، فتطَّلِعُون على حوضِ الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- على ظمإ -واللَّه- ناهلة قط رأيتها، فلعمرُ إلهك ما يبسط واحد منكم يدهُ إلَّا وقعَ عليها قدح مطهرة من


(١) الأصواء: القبور. من حاشية (د).
(٢) في "أ": "إليهم".
(٣) كتب ناسخ "أ" عليها "كذا"، وفي المسند "من أنْ ترونهما ويريانكم، لا تضارون في رؤيتهما".
(٤) في بعض نسخ المسند "فيبلُّكم".
(٥) الرَّيطة: كل ملاءة ليست بِلِفْقَين، وقيل: كل ثوب رقيق ليِّن.
النِّهاية (٢/ ٢٨٩).
(٦) كلمة تُقال عند الألم المفاجئ. الوسيط ص (١٩٤).