للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كقوله: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] والمعنى: إلَّا من شاء ربك أن يدخله النَّار بذنوبه من السعداء.

والفرقُ بين هذا القول، وبين أوَّل الأقوال: أنَّ الاستثناء على ذلك القول من المُدَّة، وعلى هذا القول من الأعيان.

* وقالت فرقة أخرى: المراد بالسماوات والأرض: سماءُ الجنَّة وأرضها، وهما باقيتان ابدًا، وقوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: ١٠٧] إنْ كانت "ما": بمعنى: "مَنْ" فهم الَّذين يدخلون النَّار، ثمَّ يخرجون منها، وإنْ كانت بمعنى: "الوقت" فهو مُدَّة احتباسهم في البرزخ والموقف.

قال الجُعْفِي: "سألتُ عبد اللَّه بن وهب عن هذا الاستثناء؟، فقال: سمعتُ فيه أنَّه قَدْرَ وقوفهم في الموقف يوم القيامة إلى أنْ يقضى بين النَّاس".

* وقالت فرقة أخرى: الاستثناء راجعٌ إلى مدَّة لبثهم في الدنيا.

وهذه الأقوال متقاربة، ويمكن الجمع بينها بأنْ يُقالَ: أخبر سبحانه عن خلودهم في الجنَّة كلَّ وقتٍ، إلَّا وقتًا يشاءُ ألَّا يكونوا فيها، وذلك يتناول وقتَ كونهم في الدنيا وفي البرزخ، وفي موقف القيامة، وعلى الصراط، وكون بعضهم في النَّار مدَّة، وعلى كلِّ تقدير فهذه الآية من المتشابه، وقوله تعالى فيها: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} مُحْكم، وكذلك قوله: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤)} [ص: ٥٤]، وقوله: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: ٣٥]، وقوله: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: ٤٨].

وقد أكَّدَ اللَّه سبحانه خلود أهل الجنَّة بالتأبيد في عدَّة مواضع من