للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القرآن، وأخبر أنَّهم: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} [الدخان: ٥٦]، وهذا الاستثناء منقطع، وإذا ضَمَمْتَه إلى الاستثناء في قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: ١٠٧] تبيَّن لك المراد من الآيتين، واستثناء الوقت الَّذي لم يكونوا فيه في الجنَّة من مدَّة الخلود، كاستثناء الموتة الأولى من جملة الموت، فهذه موتةٌ تقدمت على حياتهم الأبدية، وذاك مفارقة للجنَّة تقدَّم على خلودهم فيها. وباللَّه التوفيق.

وقد تقدَّم قول النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من يدخل الجنَّة ينعم لا يبؤس، ويخلد لا يموت" (١) .

وقوله: "ينادي منادٍ يا أهل الجنَّة، إنَّ لكم أنْ تَصِحُّوا فلا تسقموا أبدًا، وأنْ تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وأنْ تحيوا فلا تموتوا أبدًا" (٢) .

وثبت في "الصحيحين" (٣) من حديث أبي سعيد الخدري عن النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يُجاءُ بالموتِ في صورة كبشٍ أملح، فيوقفُ بين الجنَّة والنَّارِ، ثمَّ يُقال: يا أهل الجنَّة، فيطَّلعون مشفقين، ويُقال: يا أهل النَّار، فيطلعون فرحين، فيقال (٤) : هل تعرفون هذا، فيقولون: نعم، هذا الموتُ، فيذبح بين الجنَّة والنَّار، ويُقال: يا أهل الجنَّة، خلودٌ فلا موت، ويا أهل النَّار خلودٌ فلا موت".


(١) ص (٤٢٨).
(٢) أخرجه مسلم برقم (٢٨٣٧).
(٣) البخاري برقم (٤٤٥٣)، ومسلم رقم (٢٨٤٩)، واللفظ لمسلم.
(٤) في نسخةٍ على حاشية "أ": "فيقال لهم".