للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ولا ريب أنَّ مَنْ قال هذا القول عن عمر، ونقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلها، فأما قوم أصيبوا بذنوبهم، فقد علم هؤلاء وغيرهم أنهم يخرجون منها، وأنهم لا يلبثون قدر رمل عالج، ولا قريبًا منه.

ولفظ "أهل النار" لا يختص بالموحِّدين، بل هو مختص بمن عداهم، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون" (١) ، ولا يناقض هذا قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا}، وقوله: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: ٤٨] بل ما أخبر اللَّه به هو الحق والصدق الذي لا يقع خلافه، لكن إذا انقضى أجلها وفنيت كما تفنى الدنيا لم يبق نارًا ولم يبق فيها عذاب.

قال أرباب هذا القول: في "تفسير علي بن أبي (٢) طلحة الوالبي": عن ابن عباس في قوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨) } [الأنعام: ١٢٨]. قال: "لا ينبغي لأحد أن يحكم على اللَّه في خلقه، ولا ينزلهم جنة ولا نارًا" (٣) .

قالوا: وهذا الوعيد في هذه الآية ليس مختصًّا بأهل القبلة، فإنه سبحانه قال: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ


(١) أخرجه مسلم رقم (١٨٥) مطوَّلًا من حديث أبي سعيد الخدري رضي اللَّه عنه.
(٢) سقط من "أ، هـ".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٤/ ١٣٨٨) رقم (٧٨٩٧)، والطبري (٨/ ٣٤). وسنده حسن.