في الشرك ودواعيه وأسبابه، وآثرنا الاستمتاع على طاعتك وطاعة رسلك، وانقضت آجالنا، وذهبت أعمارنا في ذلك، ولم نكتسب فيها رضاك، وإنَّما كان غاية أمرنا في مُدَّة آجالنا استمتاع بعضنا ببعض.
فتأمل ما في هذا من الاعتراف بحقيقة ما هم عليه، وكيف بدت لهم تلك الحقيقة ذلك اليوم، وعلموا أن الذي كانوا فيه في مدة آجالهم، هو حظهم من استمتاع بعضهم ببعض، ولم يستمتعوا بعبادة ربهم، ومعرفته وتوحيده، ومحبته وإيثار مرضاته.
وهذا من نمط قولهم: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠)}.
والمقصود أنَّ قوله {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} عائد إلى هؤلاء المذكورين مختصًّا بهم، أو شاملًا لهم ولعصاة الموحِّدين، وأما اختصاصه بعصاة المسلمين دون هؤلاء فلا وجه له.
ولمَّا رأت طائفة ضعف هذا القول، قالوا: الاستثناء يرجع إلى مُدَّة البرزخ والموقف. وقد تبيَّن ضعف هذا القول.
ورأت طائفة أخرى: أنَّ الاستثناء يرجع إلى نوع آخر من العذاب غير النار.
قالوا: والمعنى: أنكم في النار أبدًا إلا ما شاء اللَّه أن يعذبكم