للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما ساقه البخاري في الباب نفسه: "وأما الجنة فينشئ اللَّه لها خلقًا آخرين" وذكره البخاري رحمه اللَّه مُبَيِّنًا أن الحديث انقلب لفظه على من رواه بخلاف هذا، فذكر هذا وهذا (١) ، والمقصود أنَّه لا تقاس النار بالجنة في التأبيد مع هذه الفروق. يوضِّحه:

الوجه الخامس: أن الجنة من موجب رحمته ورضاه، والنار من غضبه وسخطه، ورحمته سبحانه تغلب غضبه وتسبقه، كما في الصحيح من حديث أبي هريرة عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "لما خلق (٢) اللَّه الخلق كتب في كتاب فهو عنده موضوع على العرش إنَّ رحمتي تغلب غضبي" (٣) ، وإذا كان رضاه قد سبق غضبه، وهو


= وقد ورد عن غير واحدٍ من الصحابة، منهم:
١ - أنس بن مالك عند البخاري (٧٣٨٤ - فتح".
٢ - وأبو سعيد الخدري عند أحمد (٣/ ١٣)، وابن خزيمة (١٣٤) وغيرهما.
٣ - أُبي بن كعب عند الدَّارقطني في الصفات رقم (٥) ولا يثبت.
وهذا يدلُّ على الغلط في تلك الرواية كما قال المؤلِّف.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "وقد قال جماعة من الأئمة: إنَّ هذا الموضع مقلوب"، ثُمَّ نقل كلام ابن القيم والبلقيني.
(١) لم يذكر البخاري في كتاب التوحيد مع الحديث المتقدم هذا الحديث "وأمَّا الجنَّة فينشئ اللَّه لها. . . "، وإنَّما ذكره البخاري في كتاب التفسير/ سورة "ق"، باب "وتقول هل من مزيد" (٨/ ٥٩٤ - ٥٩٥ - الفتح)، فأسند حديث همام وابن سيرين عن أبي هريرة، وأسند حديث أنس فقط.
(٢) في "ب، ج، د، هـ" ونسخةٍ على حاشية "أ" "قضى"، وكلاهما في البخاري ومسلم.
(٣) أخرجه البخاري (٦٩٦٩)، ومسلم (٤٧٥١).