للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يغلبه، كان التسوية بين ما هو من موجب رضاه، وما هو من موجب غضبه = ممتنعًا. يوضحه:

الوجه السادس: أن ما كان بالرحمة وللرحمة، فهو مقصود لذاته قصد الغايات، وما كان من موجب الغضب والسخط، فهو مقصود لغيره قصد الوسائل، فهو مسبوق ومغلوب مراد لغيره، وما كان بالرحمة فغالب سابق مراد لنفسه. يوضحه:

الوجه السابع: وهو أنَّه سبحانه قال للجنة: "أنت رحمتي أرحم بكِ من أشاء" وقال للنار: "أنت عذابي أُعذِّبُ بك من أشاء" (١) ، وعذابه مفعول منفصل، وهو ناشئٌ عن غضبه، ورحمته ها هنا: هي الجنة، وهي رحمة مخلوقة ناشئة عن الرحمة التي هي صفة الرحمن، فها هُنا أربعة أمور: رحمة هي وصْفُهُ سبحانه، وثواب منفصل هو ناشئٌ عن رحمته، وغضب يقوم به سبحانه، وعقاب منفصل ينشأ عنه. فإذا غلبت صفة الرحمة صفة الغضب، فلأنْ يغلب ما كان بالرحمة لما كان بالغضب أولى وأحرى، فلا تقاوِم النارُ التي نشأت عن الغضب الجنةَ التي نشأت عن الرحمة. يوضحه:

الوجه الثامن: أن النار خلقت تخويفًا للمؤمنين، وتطهيرًا للخطَّائين المجرمين (٢) ، فهي طُهْرة من الخبث الَّذي اكتسبته النفس في


(١) تقدم من حديث أبي هريرة قريبًا.
(٢) قوله "للخطَّائين المجرمين" في "ب، ج" ونسخةٍ على حاشية "د" "للخاطئين والمجرمين"، ووقع في "د" "للخطَّائين والمجرمين".