للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جاء في بعض الآثار: "أن العبد إذا دعا لمبتلىً قد اشتد بلاؤه، وقال: اللهم ارحمه، يقول الرب تبارك وتعالى: كيف أرحمه من شيء به أرحمه" (١) .

فالابتلاء رحمة منه لعباده.

وفي أثر إلهي يقول اللَّه عز وجل: "أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل شكري أهل زيادتي، وأهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب" (٢) .

فالبلاء والعقوبة أدوية قدرت لإزالة أدواء لا تزول إلا بها، والنار هي الدواء الأكبر، فمن تداوى في الدنيا أغناه ذلك عن الدواء في الآخرة، وإلَّا فلا بد له من الدواء بحسب دائه، ومن عرف الرب تبارك وتعالى بصفات جلاله ونعوت كماله، من حكمته ورحمته وبره وإحسانه وغناه وجوده ومحبته إلى عباده، وإرادة الإنعام، وسبق رحمته لهم = لم يبادر إلى إنكار ذلك إن لم يبادر إلى قبوله (٣) . يوضحه:

الوجه الخامس عشر: أن أفعاله سبحانه لا تخرج عن الحكمة والرحمة والمصلحة والعدل، فلا يفعل عبثًا ولا جورًا ولا باطلًا، بل


(١) لم أقف عليه.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) في "ج": "قوله".