للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شاهد ببطلان ذلك.

والثاني: أنَّه لو كان الأمر كذلك لكان إبقاؤهم في العذاب، وانقطاعه عنهم بالنسبة إلى مشيئته سواء، ولم يكن في انقضائه ما ينافي كماله، وهو سبحانه لم يخبر بأبدية العذاب، وأنه لا نهاية له.

وغاية الأمر على هذا التقدير: أن يكون من الجائزات المُمْكِنَات الموقوف حكمها على خبر الصادق.

فإن سلكت طريق التعليل بالحكمة والرحمة والمصلحة لم يقتض الدوام، وإن سلكت طريق المشيئة المحضة التي لا تعلل لم تقتضه أيضًا، وإن وقف الأمر على مجرد السمع فليس فيه ما يقتضيه.

الوجه السادس عشر: أن رحمته سبحانه سبقت غضبه في المعذبين، فإنَّه أنشأهم برحمته، وغذاهم برحمته، ورباهم برحمته ورزقهم وعافاهم برحمته، وأرسل إليهم الرسل برحمته، وأسباب النقمة والعذاب متأخرة عن أسباب الرحمة طارئة عليها، فرحمته سبقت غضبه فيهم (١) ، وخَلَقَهم على خِلْقَةٍ تكون رحمته إليهم أقرب من غضبه وعقوبته.

ولهذا ترى أطفال الكفار قد ألقى عليهم رحمته، فمن رآهم رحمهم، ولهذا نُهِيَ عن قتلهم (٢) ، فرحمته سبقت غضبه


(١) في "ب، هـ": "فهم".
(٢) أخرجه البخاري رقم (٢٨٥١ و ٢٨٥٢)، ومسلم رقم (١٧٤٤) عن ابن عمر قال: "وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنهى رسول =