للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيهم، فكانت هي السابقة إليهم، ففي كل حال هم في رحمته في حال معافاتهم وابتلائهم.

وإذا كانت الرحمة هي السابقة فيهم لم يبطل أثرها بالكلية، وإن عارضها أثر الغضب والسخط فذلك لسبب منهم، وأما أثر الرحمة فسببه منه سبحانه، فما منه يقتضي رحمتهم، وما منهم يقتضي عقوبتهم، والذي منه سابق وغالب، وإذا كانت رحمته تغلب غضبه، فلأن يغلب أثر الرحمة أثر الغضب أولى وأحرى.

الوجه السابع عشر: أنَّه سبحانه يخبر عن العذاب أنَّه عذاب يوم عقيم، وعذاب يوم عظيم، وعذاب يوم أليم، ولا يخبر عن النعيم أنَّه نعيم يوم، ولا في موضع واحد.

وقد ثبت في "الصحيح" تقدير يوم القيامة بخمسين ألف سنة (١) ، والمعذبون متفاوتون في مدة لبثهم في العذاب بحسب جرائمهم، واللَّه سبحانه جعل العذاب على ما كان من الدنيا وأسبابها، وما أريد به الدنيا ولم يرد به (٢) اللَّه فالعذاب على ذلك. وأما ما كان للآخرة وأريد به وجه اللَّه فلا عذاب عليه، والدنيا قد جعل لها أجلًا تنتهي إليه، فما انتقل منها إلى تلك الدار مما ليس للَّه، فهو المعذب به.

وأما ما أُريد به وجه اللَّه والدار الآخرة، فقد أُريد به ما لا يفنى ولا


= اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن قتل النساء والصبيان".
(١) أخرجه مسلم برقم (٩٨٧) من حديث أبي هريرة الطويل في مانع الزكاة.
(٢) بياض في "د" فقط بمقدار كلمة، ووقع في المطبوع مكانه "وجه".