للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسعى فيقول: يا رب بلِّغْ بي الجنة، ونجني من النار، فيوحي اللَّه تبارك وتعالى إليه: عبدي، إن أنا نجيتك من النار وأدخلتك الجنة، أتعترف لي بذنوبك وخطاياك؟ فيقول العبد: نعم يا رب، وعزتك وجلالك إن نجيتني من النار لأعترفن لك بذنوبي وخطاياي، فيجوز الجسر، فيقول العبد فيما بينه وبين نفسه: لئن اعترفت له بذنوبي وخطاياي ليردني إلى النار، فيوحي اللَّه إليه: عبدي، اعترف لي بذنوبك وخطاياك أغفرها لك، وأدخلك الجنة، فيقول العبد: لا وعزتك وجلالك، ما أذنبت ذنبًا قط، ولا أخطأت خطيئة قط، فيوحي اللَّه إليه: عبدي إنَّ لي عليك بَيِّنة، فيلتفت العبد يمينًا وشمالًا، فلا يرى أحدًا، فيقول: يا رب أرني بينتك، فيستنطق اللَّه تعالى جِلْدهُ بالمحقرات، فإذا رأى ذلك العبد يقول: يا رب عندي وعزتك العظائم، فيوحي اللَّه إليه، عبدي أنا أعرف بها منك، اعترف لي بها أغفرها لك وأدخلك الجنة، فيعترف العبد بذنوبه، فيدخل الجنة"، ثمَّ ضحك رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، يقول: "هذا أدنى أهل الجنة منزلة، فكيف بالذي فوقه؟ ".

فالرب تعالى يريد من عبده الاعتراف والانكسار بين يديه والخضوع والذل له، والعزم على مرضاته، فما دام أهل النار فاقدين لهذا الروح، فهم فاقدون لروح الرحمة، فإذا أراد عز وجل أن يرحمهم أو من شاء منهم؛ جعل في قلبه ذلك فتدركه الرحمة، وقدرة الرب تبارك وتعالى غير قاصرة عن ذلك، وليس فيه ما يناقض موجب أسمائه وصفاته، وقد أخبر أنَّه فعال لما يريد.

الوجه الثاني والعشرون: أنَّه سبحانه قد أوجب الخلود على معاصي