للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الكبائر، وقيده بالتأبيد، ولم يناف ذلك انقطاعه وانتهاءه.

فمنها: قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: ٩٣].

ومنها: قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجَّأ بها في نار جهنم خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا" (١) وهو حديث صحيح.

وكذلك قوله في الحديث الآخر في قاتل نفسه: "فيقول اللَّه تبارك وتعالى: بادرني عبدي بنفسه حَرَّمتُ عليه الجنة" (٢) .

وأبلغ من هذا قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (٢٣) } [الجن: ٢٣].

فهذا وعيد مقيد بالخلود والتأبيد، مع انقطاعه قطعًا بسبب من العبد، وهو التوحيد، فكذلك الوعيد العام لأهل النار لا يمتنع انقطاعه، بسبَبٍ ممن كتب على نفسه الرحمة، وغلبت رحمته غضبه، فلو يعلم الكافر بكل ما عنده من الرحمة لما يئس من رحمته، كما في "صحيح البخاري" (٣) عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خلق اللَّه الرحمة يوم خلقها مئة رحمة" وقال في آخره: "فلو يعلم الكافر بكل الذي عند اللَّه من الرحمة لم


(١) أخرجه البخاري (٥٤٤٢)، ومسلم (١٠٩) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٢) أخرجه البخاري رقم (١٢٩٨)، ومسلم رقم (١١٣) من حديث جندب رضي اللَّهُ عنه.
(٣) رقم (٦١٠٤).