للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُبْطِلُونَ (١٧٣) } [الأعراف: ١٧٣] وهذا قول الكبار العقلاء.

قالوا: ويدلُّ على ذلك ما رواهُ سعيد بن جبير عن ابن عباس يرفعه: "إنَّ اللَّهَ يرفعُ ذُرِّيَة المؤمن إلى درجته، وإنْ كانوا دونَهُ في العملِ لتقرَّ بهم عينُه" (١) .

فهذا يدلُّ على أنَّهم دخلوا بأعمالهم، ولكن لم يكن لهم أعمالٌ يبلغوا بها درجة آبائهم فبلَّغهم إياها، وإن تقاصر عملهم عنها.

قالوا: وأيضًا فالإيمان: هو القول والعمل والنية، وهذا إنما يمكن من الكبار.

وعلى هذا، فيكون المعنى: أنَّ اللَّه سبحانه يجمع ذرية المؤمن إليه إذا أتوا من الإيمان بمثل إيمانه، إذ هذا حقيقة التَّبَعِيَّة، وإن كانوا دونه في الإيمان رفعهم اللَّه إلى درجته إقرارًا لعينه، وتكميلًا لنعيمه، وهذا كما أن زوجات النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- معه في الدرجة تَبَعًا، وإن لم يبلغنَ (٢) تلك الدرجة بأعمالهن.

* وقالت طائفة أخرى: الذرية ها هنا الصغار.

والمعنى: والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم في إيمان الآباء، والذرية تتبع الآباء -وإنْ كانوا صغارًا- في الإيمان وأحكامه، من الميراث والدية والصلاة عليهم، والدفن في قبور المسلمين، وغير


(١) تقدَّم ص (٨٠٣ - ٨٠٤).
(٢) وقع في جميع النسخ "يبلغوا"، وعلَّق ناسخ "أ" بقوله: "صوابه: يبلغْنَ".