للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك؛ إلا فيما كان من أحكام البالغين، ويكون قوله {بِإِيمَانٍ} على هذا في موضع نصب على الحال من المَفْعُولَيْن، أي: وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان الآباء.

قالوا: ويدل على صحة هذا القول: أنَّ البالغين (١) لهم حكم أنفسهم في الثواب والعقاب، فإنَّهم مستقِلُّون بأنفسهم ليسوا تابعين الآباء في شيء من أحكام الدنيا، ولا أحكام الثواب والعقاب، لاستقلالهم بأنفسهم، ولو كان المراد بالذرية: البالغين؛ لكان أولاد الصحابة البالغون كلهم في درجة آبائهم، ويكون أولاد التابعين البالغين كلهم في درجة آبائهم، وهلم جرًّا إلى يوم القيامة، فيكون الآخرون في درجة السابقين.

قالوا: ويدل عليه أيضًا، أنه سبحانه جعلهم معهم تبعًا في الدرجة، كما جعلهم تبعًا في الإيمان، ولو كانوا بالغين لم يكن إيمانهم تبعيًّا (٢) ، بل إيمان استقلال.

قالوا: ويدل عليه أيضًا، أن اللَّه سبحانه جعل المنازل في الجنة بحسب الأعمال في حق المستقلين، وأما الأتباع فإن اللَّه سبحانه يرفعهم إلى درجة أهليهم، وإن لم تكن لهم أعمالهم، كما تقدم.

وأيضًا فالحور العين والخدم في درجة أهاليهم وإن لم يكن لهم عمل بخلاف المكلفين البالغين، فإنهم يرفعون إلى حيث بَلَّغتهم


(١) في "أ، ج، هـ": "التابعين"، والمثبت هو الصواب.
(٢) من قوله "في الدرجة" إلى هنا سقط من "ج".