"هذا مذهب أهل العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المتمسكين بها، المقتدى بهم من لَدُن أصحاب النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى يومنا هذا، وأدركت مَنْ أدركت مِنْ علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم، فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلها، فهو مخالفٌ مبتدعٌ خارجٌ عن الجماعة، زائلٌ عن منهج السنة وسبيل الحق.
قال: وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وعبد اللَّه ابن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العِلْمَ، فكان من قولهم:
"أنَّ الإيمان قول وعمل ونِيَّة وتمسُّك بالسنة، والإيمان يزيد وينقص، ويُسْتثنى في الإيمان غير أنْ لا يكون الاستثناء شكًّا (١) ، إنَّما هي سنَّةٌ ماضيةٌ عند العلماء. فإذا سئل الرجل: أمؤمن أنت؟ فإنَّه يقول: أنا مؤمن إن شاء اللَّه؟ أو مؤمن أرجو، أو يقول: آمنت باللَّه وملائكته وكتبه ورسله.
ومن زعم أنَّ الإيمان قولٌ بلا عمل؛ فهو مرجئ، ومن زعم أنَّ الإيمان هو القول والأعمال شرائع؛ فهو مرجيء. ومن زعم أنَّ الإيمان يزيدُ ولا ينقص، فقد قال يقول المرجئة، ومن لم يَرَ الاستثناء في الإيمان؛ فهو مرجئ، ومن زعم أنَّ إيمانه كإيمان جبريل والملائكة
(١) قوله: "ويستثني في الإيمان غير أنْ لا يكون الاستثناء شكًّا" ليس في المطبوع من مسائل حرب.