وأشعروا بالمعونة عند وقوع الصدق في قوله:"إن تنصروا الله ينصركم " استدعى ذلك تشوق النفوس إلى حال العاقبة فعرِّفوا بذلك في هذه السورة فقال تعالى (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) .... الآيات "
فعرف تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بعظيم صنعه له، وأتبع ذلك بشارة المؤمنين العامة فقال تعالى: "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ.... الآيات " (آية: ٤ وما بعدها) والتحمت إلى التعريف بحال من نكث من مبايعته - صلى الله عليه وسلم -، وحكم المخلفين من الأعراب، والحض على الجهاد، وبيان حال ذوى الأعذار، وعظيم نعمته سبحانه على أهل بيعته "لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ"
وأثابهم الفتح وأخذ المغانم، وبشارتهم بفتح مكة.
"لتدخلن السجد الحرام " (آية: ٢٧) إلى ما ذكر سبحانه من عظيم نعمه
عليهم وذكرهم في التوراة والإنجيل ما تضمنت هذه السورة الكريمة.
ووجه آخر وهو أنه لما قال تعالى في آخر سورة القتال (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (٣٥)
كان هذا إجمالا في عظيم ما منحهم وجليل ما أعطاهم، فتضمنت سورة الفتح - تفسير هذا الإجمال وبسطه وهذا يستدعى من بسط الكلام ما لم نعتمده في هذا التعليق، وهو بعد مفهوم مما سبق من الإشارات في الوجه الأول.