ثم إن حال يعقوب ويوسف عليهما السلام في صبرهما ورؤية حسن عاقبة
الصبر في الدنيا مع ما أعد الله لهما من عظيم الثواب أنسب شىء لحال نبينا
عليه السلام في مكابدة قريش ومفارقة وطنه، ثم تعقب ذلك بظفره بعدوه، وإعزاز دينه، وإظهار كلمته، ورجوعه إلى بلده على حالة قرت بها عيون المؤمنين وما فتح الله عليه وعلى أصحابه فتأمل ذلك.
ويوضح ما ذكرناه ختم السورة بقوله تعالى:"حتى إذا استيأس الرسل
وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا ... " الآية.، فحاصل هذا كله
الأمر بالصبر وحسن عاقبة أولياء الله فيه.
وأما النسبة لقوله "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين " فلا أنسب لهذا ولا أعجب من حال إخوة فضلاء لأب واحد من أنبياء الله وصالحى عباده جرى بينهم من التشتت ما جعله الله عبرة لأولى الألباب، وأما النسبة لآية التهديد فبينة، وكأن الكلام في قوة اعملوا على مكانتكم وانتظروا، فلن نصبر عليكم مدة صبر يعقوب ويوسف (عليهما السلام) ، وقد وضح بفضل الله وجه ورود هذه السورة عقب سورة هود والله أعلم.
[سورة الرعد]
هذه السورة تفصيل لمجمل قوله سبحانه في خاتمة سورة يوسف عليه
السلام "وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون