هذا، وأنهم سألوا فخيروا ثم امتحنوا، وقد كان التسليم أولى لهم فقال تعالى:"قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين "(آية: ١٠٢) ثم عرف عباده أنهم إذا استقاموا فلن يضرهم خذلان غيرهم "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم "(آية: ١٠٣) فلما طلب تعالى المؤمنين بالوفاء فيما نقض فيه غيرهم وذكرهم ببعض ما وقع فيه النقض، وما أعقب ذلك فاعله، واعلمهم بثمرة التزام التسليم والامتثال أراهم جل وتعالى ثمرة الوفاء وعاقبته فقال تعالى:"وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ" إلى قوله تعالى "هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ" إلى آخر السورة (١١٦ - ١٢٠) .
فحصل من جملتها الأمر بالوفاء فيما تقدمها وحال من حاد ونقض، وعاقبة
من وفى وأنهم الصادقون، وقد أمرنا أن نكون معهم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (١١٩) ".
[سورة الأنعام]
لما بين سبحانه وتعالى لعباده حال المتقين وهو الصراط المستقيم وأوضح تعالى ما يحذرون من جانبي الأخذ والترك، وبين حال من تنكب عنه ممن كان قد يلمحه