قيل سيعلمون عاقبة تكذيبهم، ثم أورد تعالى من جميل صنعه وما إذا اعتبره المعتبر علم أنه لم يخلق شىء منه عبثا بل ليعتبر به، ويستوضح وجه الحكمة فيه فيعلم أنه لابد من وقت ينكشف فيه الغطاء ويجازي الخلائق على نسبة من أحوالهم في الاعتبار والتدبر والخضوع لمن نصب مجموع تلك الدلائل، ويستشعر من تكرار الفصول وتجدد الحالات وإحياء الأرض بعد موتها جري ذلك في البعث واطراد الحكم، وإليه الإشارة بقوله:"كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى" فقال تعالى منبها على ما ذكرناه: "أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) .. إلى قوله وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (١٦) .
فهذه المصنوعات المقصودة بها الاعتبار كما تقدم، ثم قال تعالى.: "إن يوم الفصل كان ميقاتا" (١٧) أي موعدا لجزائكم لو اعتبرتم بما ذكر لكم لعلمتم منه وقوعه وكونه، ليقع جزاؤكم على ما سلف منكم، فويل يومئذ للمكذبين، ويشهد لهذا القصد مما بعد من الآيات قوله تعالى لما ذكر ما أعد للطاغين (إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩)
ثم قال بعد: "إن للمتقين مفازا" (٣١) وقوله بعد "ذلك اليوم الحق ".
وأما الحياة الدنيا فلعب ولهو "وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ"
لما أوضحت سورة النبأ حال الكافر في قوله: "يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا"
عند نظره ما قدمت يداه، ومعاينته من العذاب عظيم ما يراه، وبعد
ذكر تفصيل أحوال وأهوال، أتبع ذلك بما قد كان حاله عليه في دنياه من استبعاد عودته في أخراه، وذكر قرب ذلك عليه سبحانه كما قال في الموضع الآخر "وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ"