لما ذكر سبحانه المواعد الأخراوية في سورة "ق " وعظيم تلك الأحوال
من لدن قوله:"وجاءت سكرة الموت بالحق" إلى آخر السورة"
ثم أتبع سبحانه ذلك بالقسم على صحة وقوعه وصدقه فقال تعالى: "وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا" إلى قوله "إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (٦)"
والدين الجزاء أي أنهم سيجازون على ما كان منهم ويوفون قسط أعمالهم "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون " "إنما نملي لهم ليزدادوا إثما"،
ولما أقسم تعالى على صدق وعده ووقوع الجزاء أعقب ذلك
بتكذيبهم بالجزاء وازدرائهم فقال: "يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢)"
ثم ذكر تعالى حال الفريقين وانتهاء الطريقين إلى قوله: "وفي الأرض آيات للموقنين "
فوبخ تعالى من لم يعمل فكره ولا بسط نظره فيما أودع سبحانه في
العالم من العجائب، وأعقب بذكر إشارات إلى أحوال الأمم وما أعقبهم
تكذيبهم وكل هذا تنبيه لبسط النظر إلى قوله تعالى:(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٤٩)