الإنظار والتسلط على ذرية آدم والإذن له في ذلك ووعيده ووعيد متبعيه، ثم أخذه في الوسوسة إلى آدم عليه السلام، وحلفه له (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١)
وكل هذا مما أجمل في صورة البقرة، ولم تتكرر قصة إلا وهذا شأنها
أعنى أنها تفيد مهما تكررت ما لم يكن حصل منها أولا، ثم انجرت الآي إلى
ابتداء قصة (نوح عليه السلام) واستمرت القصص إلى قصص بني إسرائيل،
فبسط هنا من حالهم وأخبارهم شبيه ما بسط في قصة آدم وما جرى من محنة
إبليس، وفصل هنا الكثير، وذكر ما لم يذكر في سورة البقرة حتى لم يتكرر
بالحقيقة ولا التعرض لقصص طائفة معينة فقط.
ومن عجيب الحكمة أن الواقع في السورتين من كلا القصتين مستقل
شاف وإذا ضم بعض ذلك إلى بعض ارتفع إجماله، ووضح كماله، فتبارك مَن هذا كلامه، ومن جعله حجة قاطعة وآية باهرة.
ولما أعقب تعالى قصصهم في البقرة بأمره نبيه والمومنين بالعفو والصفح
فقال تعالى: "فاعفوا واصفحوا" (آية: ١٥٩) أعقبه تعالى أيضا هنا بقوله
لنبيه (عليه الصلاة والسلام) (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (١٩٩)
وقد خرجنا عن المقصود فلنرجع إليه.
سورة الأنفال.
لما قص سبحانه على نبيه عليه السلام في سورة الأعراف أخبار الأمم وقطع
المومنين من مجموع ذلك بأنه لا يكون الهدى إلا بسابقة السعادة لافتتاح السورة