السورة "وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (٥١) "، وتقدم الجواب بنفي قولهم والتنزيه عنه على حكاية قولهم ليكون أبلغ في إجلاله - صلى الله عليه وسلم -، وأخف وقعا عليه وأبسط لحاله في تلقى ذلك منهم، ولذا قدم مدحه - صلى الله عليه وسلم - بما خص به من الخلق العظيم، فكان هذا أوقع
في الإجلال من تقديم قولهم ثم رده، إذ كسر سورة تلك المقالة الشنعاء بتقديم التنزه عنها أتم في الغرض وأكمل، ولا موضع أليق بذكر تنزيهه عليه الصلاة والسلام ووصفه من الخلق والمنح الكريمة بما وصف مما أعقب به ذلك إذ بعض ما تضمنته سورة الملك مما تقدم الإيماء إليه شاهد قاطع لكل عاقل منصف بصحة نبوته - صلى الله عليه وسلم - وجليل صدقه (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)
فقد تبين موقع هذه السورة هنا، وتلاؤم ما بعد من آيها يذكر في التفسير.
[سورة الحاقة]
لما بنيت سورة "ن والقلم " على تقريع مشركي قريش وسائر العرب
وتوبيخهم وتنزيه نبى الله - صلى الله عليه وسلم - عن شنيع قولهم وقبيح بهتهم، وبين حسدهم وعداوتهم "وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ"
أتبعت بسورة الحاقة وعيدا لهم وبيانا أن حالهم في سوء ذلك المرتكب قد سبق إليه غيرهم