معنى هذه السورة من معنى السورة التي قبلها، وحاصل السورتين تعداد نعمه
عليه سبحانه، فإن قلت فلم فصلت سورة "ألم نشرح " ولم ينسق ذكر هذه النعم في سورة واحدة قلت: من المعهود في البشر فيمن عدد على ولده أو عبده نعماء أن يذكر له أولا ما شاهد الحصول عليه منها بكسبه مما يمكن أن يتعلق في بعضها بأن ذلك وقع جزاء لا ابتداء، فإذا استوفى له ما قصده من هذا، أتبعه بذكر نعم ابتدائية قد كان ابتداؤه لها قبل وجوده كقول الأب مثلا لابنه: ألم أختر لأجلك الأم، والبقعة، حيث استولدتك وأعددت من مصالحك كذا وكذا، ونظير ما أشرنا إليه قوله سبحانه لزكرياء عليه الصلاة والسلام "ولم تك شيئا"
وقد قدم له:"إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى"
وتوهم استبداد الكسبية في وجود الولد غير خافية في حق من قَصر نظره ولم يوَّفق، فابتدأ بذكرها، ثم أعقب ما لا يمكن أن يتوهم فيه ذلك وهو قوله:" وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا "
وله نظائر من الكتاب وعليه جاء ما ورد في هاتين السورتين والله