لما قال تعالى:"ألهاكم التكاثر"، وتضمن ذلك الإشارة إلى قصور نظر الإنسان وحصر إدراكه في العاجل دون الآجل الذي فيه فوزه وفلاحه
وذلك لبعده عن العلم بموجب الطبع أنه كان ظلوما جهولا، أخبر سبحانه أن
ذلك شأن الإنسان بما هو إنسان فقال:(وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) ، فالقصور شأنه والظلم طبعه والجهل جبلته فيحق أن يلهيه التكاثر ولا
يدخل الله عليه روح الإيمان
"إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.. إلى آخرها"
فهؤلاء الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.
[سورة الهمزة]
لما قال سبحانه "إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ"، أتبعه بمثال من
ذكر نقصه وقصوره واغتراره وظنه الكمال لنفسه حتى يعيب غيره، واعتماده على ما جمعه من المال ظنا أنه يخلده وينجيه، وهذا كله عين النقص الذي هو شأن الإنسان وهو المذكور في السورة قبل فقال تعالى:"ويل لكل همزة لمزة"
فافتتحت السورة بذكر ما أعد له من العذاب جزاء له على همزه ولمزه
الذي أتم حسده، والهمزة: العياب الطعان، واللمزة مثله، ثم ذكر تعالى مآله ومستقره بقوله:"لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ"