وتدبر بعقلك وضوح ذلك في عدة سور كالأنفال وبراءة، والطلاق والتحريم، والتكوير والانفطار، والضحى وألم نشرح، والفيل وقريش، والمعوذتين إلى غير هذه السور مما لا يتوقف في وضوحه من له أدنى نظر.
وقد مال القاضى أبو محمد عبد الحق بن عطية. رحمه الله في ترتيب
السور إلى القول بالتفصيل.
وهو أن كثيرا من سور القرآن قد كان علم ترتيبها في
أيامه - صلى الله عليه وسلم - كالسبع الطوال، والحواميم، والمفصل، وأشار كلامه إلى أن مما سوى ذلك
يمكن أن يكون عليه السلام فوض فيه الأمر إلى الأمة بعده، ولم يقطع القاضى أبو محمد في هذا القسم الثاني بشىء.
وظواهر الآثار شاهدة بصحة ما ذهب إليه في أكثر ما نُص عليه، ثم يبقى بعدُ
قليل من السور يمكن فيها جري الخلاف أو يكون وقع، وإذا كان مستند المسألة النقل لم يصعب خلاف غير أهله، على أن ما مهدناه من المراعاة في الترتيب حاصل لا محالة على كل قول، ولنورد هنا بعض ما يشهد بظاهره من الآثار لما قاله القاضى أبو محمد على ما نطنا به فمن ذلك:
قوله عليه السلام:(اقرأوا الزهراوين: البقرة وآل عمران) . في حديث
خرجه مسلم وغيره، وخرج أيضا قوله - صلى الله عليه وسلم -: (يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران.