"قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا" إلى آخر الآية
كان في مجموع هذا فرقانا يعتضد به الإيمان ولا ينكره مقر بالرحمن، يشهد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصحة رسالته ويوضح مضمن قوله تعالى:(لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا)
من عظيم قدره - صلى الله عليه وسلم -، وعلي جلالته أتبعه سبحانه بقوله:"تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ"
وهو القرآن الفارق بين الحق والباطل والمطلع على ما أخفاه المنافقون وأبطنوه من المكر والكفر "لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"، فيحذرهم من مرتكبات المنافقين والتشبه بهم، ثم تناسج الكلام والتحم جليل المقصود من ذلك النظام.
وقد تضمنت هذه السورة من النعي على الكفار والتعريف ببهتهم
وسوء مرتكبهم ما لم يتضمن كثير من نظائرهاكقولهم:"ما لهذا الرسول
يأكل الطعام ... الآيات " (آية: ٧) وقولهم: "لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى
ربنا" (آية: ٢١) وقولهم: "لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة"(آية: ٣٢) ، وقولهم:"وما الرحمن "(آية: ٦٠) إلى ما عضَّد هذه وتخللها، ولهذا ختمت بقواطع الوعيد، وأشد التهديد وهو قوله سبحانه (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا (٧٧) .