للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن تأويلِ آيِ الفُرقانِ، ولكنَّا ذَكَرنا القَدرَ الذي ذكرنا؛ ليَعلَمَ النَّاظِرُ في كتابِنا هذا أنَّهم لا يرجِعون مِنْ قَولِهم إلا إلى ما لَبَسَ عليهم الشيطانُ، مِمَّا يَسهُلُ على أهلِ الحَقِّ البيانُ عن فسادِه، وأنَّهم لا يَرجِعون في قَولِهم إلى آيَةٍ مُحكَمَةٍ، ولا روايَةٍ عن رسولِ الله صحيحَةٍ ولا سَقيمَةٍ، فهُم في الظُّلُماتِ يَخْبِطون، وفي العَمْياءِ يترَدَّدون، نعوذُ باللهِ مِنْ الحَيْرَةِ والضَّلالَةِ» (١)، وقالَ بعدما أبانَ عن تناقُضِ قولٍ لأهلِ القَدَرِ: «وذلك مِنْ قائِلِه -إن قالَه- إحالَةٌ في كلامِه، ودعوى باطِلٍ لا يُخيلُ (٢) بُطولُه» (٣).

٤ - اعتراضُ النُّصوصِ الثَّابِتَةِ بشُبَهٍ مِنْ العُقُولِ، قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «وتأوَّلَ بعضُهم في الأخبارِ التي رُوِيَت عن رسولِ الله بتصحيحِ القَولِ برؤيَةِ أهلِ الجَنَّةِ ربَّهم يومَ القيامَةِ تأويلاتٍ، وأنكَرَ بعضُهُم مَجيئَها، ودافَعوا أن يكونَ ذلك مِنْ قولِ رسولِ الله ، ورَدُّوا القولَ فيه إلى عُقولِهِم؛ فزَعَموا أنَّ عُقولَهم تُحيلُ جوازَ الرُّؤيَةِ على الله ﷿ بالأبصارِ، وأتوا في ذلك بضُروبٍ مِنْ التَّمويهاتِ، وأكثروا القولَ فيه مِنْ جِهَةِ الاستخراجاتِ .. ، والصَّوابُ مِنْ القَولِ في ذلك عندنا ما تظاهَرَت به الأخبارُ عن رسولِ الله ) (٤)، وقالَ أيضاً: «وقد زَعَمَ بعضُ مَنْ لا يُصَدِّقُ بالآثارِ، ولا يقبلُ مِنْ


(١) جامع البيان ٩/ ٤٦٨.
(٢) قالَ صاحِبُ كتابِ (العَين): «كُلُّ شيءٍ اشتَبَه عليك فهو مُخيلٌ». ١/ ٤٥٤. وينظر: تهذيب اللغة ٧/ ٢٣٢.
(٣) جامع البيان ٤/ ٢١٣.
(٤) جامع البيان ٩/ ٤٦٣ - ٤٦٦.

<<  <   >  >>