للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآيةِ، أو يشتملُ على تبيينِ مُجمَلٍ، أو تفسيرِ مُبهَمٍ، أو تخصيصِ عامٍّ، أو تقييدِ مُطلَقٍ، ونحوِ ذلك ممَّا يتَّضِحُ فيه اتِّصالُ معاني الكلام. ومِن أمثلَتِه قولُ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) عند قولِه تعالى ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان: ٣]: «والصَّوابُ مِنْ القولِ في ذلك قولُ من قالَ: عُنِيَ بها ليلةُ القَدرِ. لأنَّ اللهَ أخبرَ تعالى ذِكرُه أنَّ ذلك كذلك بقولِه ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدْر: ١]» (١)، وقالَ في قولِه تعالى ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ﴾ [هود: ٨٢]: «والصَّوابُ مِنْ القولِ في ذلك عندنا ما قالَه المُفسِّرون؛ وهو: أنَّها مِنْ طينٍ. وبذلك وَصَفَها اللهُ ﷿ في كتابِه في موضِعٍ آخرَ، وذلك قولُه ﴿لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (٣٣) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ﴾ [الذاريات: ٣٣ - ٣٤]» (٢)، وقولُه أيضاً عند قولِه تعالى ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [البقرة: ١٧٤]: «يقولُ: ولا يُكلِّمهُم بما يُحبُّون ويشتهون، فأمَّا بما يسوءُهم ويَكرَهون فإنَّه سيُكَلِّمهُم؛ لأنَّه قد أخبرَ جلَّ ثناؤه أنَّه يقولُ لهم -إذا قالوا: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾ -: ﴿اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾ [المؤمنون: ١٠٧، ١٠٨]» (٣).

القسمُ الثاني: دلالةُ معنى الآيةِ الثابتِ بوجهٍ صحيحٍ، وهذا دون الأوَّلِ في القوَّةِ والاتِّصالِ؛ وذلك أنَّ المُفَسِّرَ يحتاجُ فيه أوَّلاً إلى إثباتِ معنى الآيةِ الذي يتضمَّنُه الدَّليلُ -وذلك بالاستدلالِ له بوجوهٍ مِنْ الدّلالاتِ-، ثُمَّ يتلوه الرَّبطُ بين المعنيين، فيُثبِتُ في هذا القسمِ معنى


(١) جامع البيان ٢١/ ٦.
(٢) جامع البيان ١٢/ ٥٢٨.
(٣) جامع البيان ٣/ ٦٧. وينظر: ١/ ١٠٩، ٥٨٦، ٧/ ٥٠٢، ٩/ ٣٣٩، ٥١٣، ١٣/ ٢٨١، ٢٣/ ١٠٩.

<<  <   >  >>