للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلنا: ذلك أَوْلى بتأويلِ الآيةِ؛ لأنَّ الله تعالى ذِكرُه عقَّبَ قولَه ﴿وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]، بالأمرِ باتِّقائِه في ركوبِ معاصيه، فكانَ الذي هو أَوْلى بأن يكونَ قبلَ التَّهدُّدِ على المعصيةِ عامَّاً = الأمرُ بالطاعةِ عامَّاً» (١)، فأضافَ إليه دليلَ السِّياقِ، وكما في قَولِه: «يعني جلَّ ثناؤُه بقولِه ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ﴾ [الأعراف: ٤٦]: وبينَ الجنَّةِ وبين النَّارِ ﴿حِجَابٌ﴾ [الأعراف: ٤٦]، يقولُ: حاجِزٌ. وهو السُّورُ الذي ذكره الله تعالى فقالَ ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ﴾ [الحديد: ١٣]، وهو الأعرافُ التي يقولُ اللهُ جلَّ ثناؤُه فيها ﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾ [الأعراف: ٤٦]. كذلك حدَّثنا .. » (٢)، ثُمَّ أسندَ معنى ذلك عن مجاهدٍ (ت: ١٠٤)، والسُّدِّي (ت: ١٢٨). فجَمَعَ إلى دليلِ القرآنِ: السِّياقَ، وأقوالَ السَّلفِ.

ولو كانَ الأخذُ بدليلِ القرآنِ لازماً حيثُما ذُكِر، لاكتفى به دون غيرِه مِنْ الأدلَّةِ، ولمَا تقدَّمَه في الذِّكرِ دليلٌ، وليس الأمرُ كذلك عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) كما سبقَ ذِكرُه.

خامساً: يشتمِلُ دليلُ القرآنِ على جميعِ أنواعِ بيانِ القرآنِ للقُرآنِ، ولا يختَصُّ بصُورَةٍ مِنه دونَ غيرِها؛ فيشمَلُ تبيينَ المُجمَلِ، وإيضاحَ المُهمَلِ، وتعيينَ المُبهَمِ، وتخصيصَ العامِّ وعكسَه، وتقييدَ المُطلَقِ، ونحوَها مِنْ أنواعِ البيانِ دونَ تمييزِ نوعٍ مِنها عن الآخرِ. وهذا يُطابِقُ ما ذكرَه ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في بيانِ النَّبي للقرآنِ، حيثُ ضَمَّنَه: جميعَ


(١) جامع البيان ٣/ ٧٦٢.
(٢) جامع البيان ١٠/ ٢٠٨. وينظر: ١/ ٥٤٧، ٢/ ٣٩٣، ١٤/ ٣٩١، ١٩/ ٥٩.

<<  <   >  >>