للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أنَّه يحتملُ أن يكونَ مذهباً للصَّحابي، ومع التردُّدِ بين كونِه كذلك وكونِه قرآناً = لا يُعمَلُ به.

والمذهبُ الثَّاني: صِحَّةُ الاحتجاجِ بالقراءاتِ الشَّاذّةِ، وهو مذهبُ أبي حنيفةَ (ت: ١٥٠)، والشافعيّ (ت: ٢٠٤)، وأحمد (ت: ٢٤١)، وعليه أكثرُ العُلماءِ، وذكرَه ابنُ عبد البَرِّ (ت: ٤٦٣) إجماعاً (١)، واستدلّوا له بما يأتي:

١ - أنَّ هذه القراءاتِ التي يُخبرُ الصحابيُّ أنَّه سمعها مِنْ النَّبي أو ممَّن سمعها مِنه، ويعملُ بها في دينِه، ويقرأُ بها في صلاتِه = لا تخلوا إمَّا أن تكونَ قرآناً أو خبراً عن النَّبي ، فإن كانَتْ قرآناً: فإمَّا أن توافقَ رسمَ المُصحفِ أو لا، فإن وافقت رسمَ المُصحفِ فهي مِنْ أحدِ الأحرفِ السَّبعةِ قطعاً، وإن لم توافق رسمَ المُصحفِ فلا سبيلَ إلى القطعِ بعدمِ كونِها مِنْ بعضِ الأحرفِ السبعةِ، وقد تقرَّرَ أنَّ الأحرفَ السَّبعةَ لا تتناقضُ في المعاني، ولا تتخالفُ في المعنى الواحِد؛ إذْ كُلُّها وحيٌ مِنْ حكيمٍ حميدٍ (٢). فصحَّ الاحتجاجُ بها مِنْ هذا الوجه.

فإنْ لم تكُنْ -تلك القراءاتُ- قرآناً فلا تنزلُ عن أن تكونَ خبراً نقلَه الصحابيُّ عن النَّبي ، بلفظِه أو بمعناه، وما كانَ كذلك فهو حُجَّةٌ


(١) الاستذكار ٢/ ٣٥. وينظر: فضائل القرآن، لأبي عُبيد (ص: ١٩٥)، ومجموع الفتاوى ٢٠/ ٢٦٠، ومختصر ابن اللحام (ص: ٧٢)، وشرح الكوكب المنير ٢/ ١٣٩.
(٢) قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «ولا نزاعَ بين المسلمين أنَّ الحروفَ السَّبعةَ التي أُنْزِلَ القرآنُ عليها لا تتضمَّنُ تناقُضَ المعنى وتضادَّه، بل قد يكون معناها مُتَّفِقاً، أو مُتقارِباً .. ، وقد يكون معنى أحدِهما ليس هو معنى الآخرِ، لكن كِلا المَعنيين حقٌّ، وهذا اختلافُ تنوُّعٍ وتغايُرٍ لا اختلافَ تضادَّ». مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٩١.

<<  <   >  >>