للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سابعَ عشر: يُشيرُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) إلى ضعفِ كثيرٍ مِنْ الأحاديثِ؛ بعدمِ الجَزمِ بنِسْبتِها إلى النَّبي ، وذلك بقولِه: (فيما بلغَنا، ورُوِيَ، وفيما ذُكِرَ) ونحوِها، ومِن ذلك قولُه عندَ قولِه تعالى ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ [البقرة: ١٤٤]: «وإنَّما قيلَ له ذلك -فيما بلَغَنا- لأنَّه كانَ قبلَ تحويلِ قِبلَتِه مِنْ بيتِ المَقدِسِ إلى الكعبَةِ يرفعُ بصرَه إلى السَّماءِ .. » (١)، ثُمَّ أسنَدَ معناه عن قتادةَ (ت: ١١٧) مرفوعاً، وانقِطاعُه ظاهِرٌ؛ فقتادةُ (ت: ١١٧) مِنْ التّابعين. ومثلُه قولُه في قولِه تعالى ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: ٧٤]: «وذلك ما كانَ همَّ به مِنْ أن يَفعَلَ بعضَ الذي كانوا سَألوه فِعلَه، فقالَ رسولُ الله فيما ذُكِرَ- .. » (٢)، ثُمَّ أسندَ ذلك عن قتادةَ (ت: ١١٧) أيضاً. وكذلك قولُه: «وقد رُوِيَ بذلك أيضاً عن النَّبي خبرٌ، غيرَ أنَّ في إسنادِه نَظَراً» (٣).

ثامنَ عشر: رُبَّما قدَّمَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) الحديثَ الضَّعيفَ في الذِّكرِ، وإن أخذَ بغيرِه ممّا قَوِيَت دلالتُه، كما في قولِه تعالى ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، حيثُ ذكرَ الأقوالَ الثَّلاثَةَ في معنى الكرسيِّ؛ وهي: أنَّه عِلمُ الله. أو: موضِعُ قدَمَيْه. أو: العرشُ نفسُه. ثُمَّ قالَ: «لكُلِّ قولٍ مِنْ هذه الأقوالِ وَجهٌ ومَذهَبٌ، غيرَ أنَّ الذي هو أَوْلى بتأويلِ الآيةِ ما جاءَ به الأثرُ عن رسولِ الله ) (٤)، ثُمَّ أسنَدَ عن


(١) جامع البيان ٢/ ٦٥٦.
(٢) جامع البيان ١٥/ ١٦.
(٣) جامع البيان ٦/ ٥٥٧. وينظر: ١٣/ ١٠.
(٤) جامع البيان ٤/ ٥٤١.

<<  <   >  >>