للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣]، والوَسَطُ: العَدلُ الخِيارُ (١). ودلالَةُ الآيةِ مِنْ ثلاثةِ وجوهٍ (٢):

١ - أنَّ هذه الأمَّةَ عدلٌ خيارٌ؛ لا تُبلِّغُ عن الله إلا الحقَّ، فاتَّفاقُها على تبليغِ الشَّرعِ حقٌّ.

٢ - أنَّ الله جعلَهم شُهداءَ على النَّاسِ، وأقامَ شهادتَهم مقامَ شهادةِ الرسولِ ، ومَن كانَ كذلك فقولُه حُجَّةٌ قطعاً؛ لأنَّهم لا يشهدون بالباطلِ، وإنَّما يشهدون بالحقِّ.

٣ - أنَّهم لو كانوا يشهدون بباطلٍ أو خطأٍ لم يكونوا شُهداءَ الله في الأرضِ، فدلَّ ذلك على أنَّ الأُمَّةَ لا تشهدُ على الله إلا بحقٍّ، فكانَ إجماعُهم حُجَّةً.

ثالثاً: قولُه تعالى ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، ووجه الدَّلالةِ أنَّ الله وصفَ الأمَّةَ بأنَّهم يأمرون بكلِّ معروفٍ، وينهون عن كلِّ مُنكرٍ، فلو قالَت الأمَّةُ في الدّينِ بما هو ضلالٌ لم تكُن كذلك، فكانَ إجماعُها حُجَّةً. (٣)

رابعاً: قولُه تعالى ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩]، ووجه الدَّلالةِ أنَّه إذا لم يوجَد تنازعٌ فالاتِّفاقُ على الحُكمِ كافٍ عن الرَّدِّ إلى الكتابِ والسُّنَّةِ، وهذا هو حقيقةُ الإجماعِ، «ولو كانوا قد يجتمعون


(١) ينظر: صحيح البخاري ٤/ ١٣٤ (٣٣٣٩)، وجامع البيان ٢/ ٦٢٧.
(٢) ينظر: الفقيه والمتفقه ١/ ٤٠٦، ومجموع الفتاوى ١٩/ ١٧٧.
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى ١٩/ ١٧٦، وشرح الكوكب المنير ٢/ ٢١٧.

<<  <   >  >>