للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على ضلالةٍ لكانوا حينئِذٍ أَوْلى بوجوبِ الرَّدِّ إلى الله والرَّسولِ مِنهم إذا تنازعوا» (١).

خامساً: الآياتُ الكثيرةُ الدَّالَّةُ على وجوبِ الاجتماعِ، والنَّهي عن الافتراقِ، كقولِه تعالى ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣]، وقولِه ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ﴾ [آل عمران: ١٠٥]، ونحوِها مِنْ الآياتِ، قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «وهذا أحدُ الأدلَّةِ على أنَّ الإجماعَ حُجَّةٌ قاطعةٌ؛ فإنَّهم إذا اجتمعوا كانوا مُطيعين لله بذلك مرحومين، فلا تكون طاعةُ الله ورحمتُه بفعلٍ لم يأمر الله به؛ مِنْ اعتقادٍ، أو قولٍ، أو عملٍ، فلو كانَ القولُ أو العملُ الذي اجتمعوا عليه لم يأمُر الله به، لم يكن ذلك طاعةً لله ولا سبباً لرحمتِه» (٢).

سادساً: دلالةُ السُّنَّةِ النبويَّةِ، «وهي أقربُ الطُّرقِ في إثباتِ كونِ الإجماعِ حُجَّةً قاطعةً» (٣)، فقد تظاهرَت الأحاديثُ عن جمهرَةٍ مِنْ الصَّحابةِ ، في تقريرِ وجوبِ لزومِ الجماعةِ، وتركِ الفُرقةِ، وعِصمةِ هذه الأمَّةِ عن الخطأِ والضَّلالِ، ومِنها (٤):

١ - قولُه : «مَنْ أرادَ بحبوحةَ (٥) الجنَّةِ فليلزمْ الجماعةَ» (٦)،


(١) مجموع الفتاوى ١٩/ ٩١. وينظر: الإحكام، للآمدي ١/ ٢٨٩.
(٢) مجموع الفتاوى ١/ ١٧. وينظر: الإحكام، للآمدي ١/ ٢٨٨.
(٣) الإحكام، للآمدي ١/ ٢٩٠. وينظر: المستصفى (ص: ١٧٣).
(٤) ينظر: قوادح الاستدلال بالإجماع (ص: ١٣٠ - ١٤٠).
(٥) هي التمكُّن في المقامِ. ينظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٩٩.
(٦) أخرجه الترمذي في الجامع ٤/ ٤٦٥ (٢١٦٥)، وابن ماجة في السنن ٤/ ٤٠ (٢٣٦٣) مختصراً، وأحمد في المسند ١/ ٢٦٩ (١١٤)، والنسائي في السنن الكبرى ٨/ ٢٨٤ (٩١٧٥)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٩٧ (٣٨٧). من حديث عمر ، وإسناده صحيح، وطرُقه كثيرةٌ، قالَ الترمذي (ت: ٢٩٧): «حديث حسن صحيح غريب .. ، وقد رويَ هذا الحديث من غيرِ وجهٍ عن عمرَ»، وصحَّحَه الحاكمُ، وأقرَّه الذَّهبي.

<<  <   >  >>