للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلَّ به الشَّافعيُّ (ت: ٢٠٤) مِنْ جِهةِ أنَّه لا يقدرُ أحدٌ على لُزومِ أبدانِ جماعةٍ مُتفرِّقين في البُلدانِ، ولو حصلَ اجتماعُ أبدانٍ فلا معنى للُزومِه، فكانَ المُرادُ قطعاً: لزومُ جماعتِهم في التَّحليلِ والتَّحريمِ والطَّاعةِ. (١)

٢ - وقولُه : «لا تزالُ طائِفةٌ مِنْ أمَّتي ظاهرين على الحقِّ، حتى يأتي أمرُ الله» (٢)، ووجه دلالتِه أنَّ وجودَ الطائِفةَ القائمةَ بالحقِّ إلى يومِ القيامةِ يضمنُ عدمَ اتِّفاقِ الأمَّةِ على ضلالةٍ، وهذا معنى حُجِّيَّةِ الإجماعَ.

٣ - وقولُه : «المؤمنون شهداءُ الله في الأرضِ» (٣)، ووجه دلالتِه أنَّ الله جعلَهم شُهداءَه على أحكامِه، وشُهداءُ الله عُدولٌ، فشهادَتُهم على شيءٍ مِنْ أحكامِه واجِبةُ القبولِ، وهذا معنى حُجِّيَّةِ الإجماعَ.

٤ - وقولُه : «مَنْ فارقَ الجماعةَ ماتَ ميتةً جاهليَّةً» (٤)، ووجه دلالَتِه مِنْ جِنسِ ما استدلَّ به الشَّافعيُّ (ت: ٢٠٤) في الحديثِ الأوَّلِ، وقد تُوُعِّدَ هنا مَنْ فارقَ الجماعةَ، فدلَّ على وجوبِ لزومِها؛ وذلك بلزومِ أقوالِها في الدِّينِ، وهذا هو معنى حُجِّيَّةِ الإجماع.

والاحتجاجُ بمجموعِ هذه الأحاديثِ وأمثالِها يقعُ مِنْ وجهَيْن:


(١) ينظر: الرسالة (ص: ٤٧٥).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٩/ ١٠١ (٧٣١١)، ومسلم في صحيحه ٥/ ٥٧ (١٩٢٠).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٣/ ١٦٩ (٢٦٤٢)، ومسلم في صحيحه ٣/ ١٨ (٩٤٩).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه ٩/ ٤٧ (٧٠٥٤)، ومسلم في صحيحه ٤/ ٥٤٩ (١٨٤٩).

<<  <   >  >>