للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى هذا الشَّرطِ جُمهورُ العلماءِ، قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «لا يوجدُ مسألةٌ يتَّفقُ الإجماعُ عليها إلا وفيها نصٌّ» (١).

٢ - أن يكونَ مِنْ المُجتهدين في هذا العلم، وقد وصفَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) أهلَ الإجماعِ ب (الحُجَّةِ)، ولا يكونُ كذلك إلا مَنْ كانَ مِنْ أهلِ الاجتهادِ فيه، ومثلُه وصفُهم ب (أهلِ التَّأويلِ)، و (علماءِ الأُمَّةِ)، ولا يتأهَّلُ لذلك إلا المُجتهِدُ، وممّا قالَه في ذلك: «أجمعَت الحُجَّةُ مِنْ أهلِ التَّأويلِ جميعاً على أنَّ الصِّراطَ المُستقيمَ هو الطريقُ الواضِحُ الذي لا اعوجاجَ فيه» (٢)، وقالَ: «وهذا قولٌ خلافُ تأويلِ أهلِ العلمِ الذين تُرتضى معرفتُهم بتأويلِ القرآن» (٣).

وابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) يعتبرُ إجماعَ كُلِّ أهلِ فنٍّ في فنِّهم؛ فينقُلُ عن أهلِ التَّأويلِ في فنِّهم، وكذا عن القرَّاءِ، وأهلِ العلمِ بالسِّيَرِ، وأخبارِ الأوَّلين، وأهلِ اللغةِ، وغيرِهم، كُلٌّ في فَنِّه الذي هو مِنْ أهلِ الاجتهادِ فيه، ومِن ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ﴾ [آل عمران: ١٢١]: «وأَوْلى هذَيْن القولَيْن بالصَّوابِ قولُ مَنْ قالَ: عُنيَ بذلك يومَ أُحدٍ؛ لأنَّ الله جلَّ ثناؤُه قالَ في الآيةِ التي بعدها ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا﴾ [آل عمران: ١٢٢]، ولا خلافَ بين أهلِ التَّأويلِ أنَّه عُنيَ بالطّائفتَيْن بنو سَلِمةَ وبنو حارِثةَ، ولا خلافَ بين أهلِ


(١) مجموع الفتاوى ١٩/ ١٩٥. وينظر: الرسالة (ص: ٤٧٢)، وشرح الكوكب المنير ٢/ ٢٥٩.
(٢) جامع البيان ١/ ١٧٠.
(٣) جامع البيان ١/ ٤٣١. وينظر: ١/ ١٧٦، ٢٢٣، ٥/ ٦٠٨، ١٣/ ٨٧.

<<  <   >  >>