للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويرى القولَ المُخالفَ هنا شذوذاً، كما في قولِه: «لإجماعِ الحُجَّةِ على أنَّ ذلك تأويلُ الآيةِ، ولا يُعارضُ بالقولِ الشَّاذِّ ما استفاضَ به القولُ مِنْ الصَّحابةِ والتّابعين» (١)، وقالَ عن قولٍ لابنِ سيرين (ت: ١١٠): «قولٌ بعيدٌ مِنْ الصَّوابِ؛ لشذوذِه، وخروجِه عمّا عليه الحُجَّةُ مُجمِعةٌ» (٢)، ولا يَعدُّ خلافَ المُخالِفِ في هذا مُعتبَراً، كما في قولِه: «لإجماعِ جميعِ الحُجَّةِ .. ، لم يُخالفْ ذلك مَنْ يجوزُ أن يُعتَدَّ خلافاً» (٣)، وقالَ: «لا خلافَ بين الجميعِ إلا مَنْ لا يُعدُّ خلافاً» (٤).

إلا إن كانَ المُخالِفَيْن أو أكثرَ مِنْ الصَّحابةِ؛ فإنّه يعتدُّ بخلافِهم، كما في ظاهرِ قولِه عند قولِه تعالى ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ﴾ [المائدة: ٨٩]: «والمُكفِّرُ مخيَّرٌ في تكفيرِ يمينِه التي حنثَ فيها، بإحدى هذه الحالاتِ الثَّلاثِ التي سمّاها اللهُ في كتابِه .. ، بإجماعٍ مِنْ الجميعِ، لا خلافَ بينهم في ذلك. فإن ظنَّ ظانٌّ أنَّ ما قُلنا مِنْ أنَّ ذلك إجماعٌ مِنْ الجميعِ ليس كما قُلنا؛ لِما حدَّثنا .. »، ثُمَّ أسندَ أثرَيْن عن ابنِ مسعودٍ أمرَ فيها المُكفِّرَ بالعِتقِ بلا تخيير؛ لأنَّه موسِرٌ، ثُمَّ قالَ: «ونحو هذا مِنْ الأخبارِ التي رُويَت عن ابنِ مسعودٍ وابنِ عمرَ وغيرِهما، فإنَّ ذلك مِنهم كانَ على وجهِ الاستحبابِ لمَن أمَروه بالتَّكفيرِ بما أمَروه به بالتَّكفيرِ مِنْ الرِّقابِ، لا على أنَّه كانَ لا يُجزئُ عندَهم التَّكفيرُ


(١) جامع البيان ٤/ ٤٢٣.
(٢) جامع البيان ٩/ ٥٢٩.
(٣) جامع البيان ٧/ ٨٣.
(٤) جامع البيان ٧/ ٣٢١. وينظر: ٧/ ٣٢٨، ٨/ ١٤٧، ١١/ ١٩١.

<<  <   >  >>