للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للموسِرِ إلا بالرَّقبةِ؛ لأنَّه لم يَنقُلْ أحدٌ عن أحدٍ مِنهم أنَّه قالَ: لا يُجزئُ الموسِرَ التَّكفيرُ إلا بالرَّقبةِ. والجميعُ مِنْ علماءِ الأمصارِ قديمِهم وحديثِهم مُجمِعون على أنَّ التَّكفيرَ بغيرِ الرِّقابِ جائزٌ للموسِرِ» (١)، فيُفهَمُ مِنْ ذلك أن لو ثبتَت المُخالفةُ عنهما لكانَ لذلك أثرٌ على القَولِ بالإجماعِ، مع ما لأقوالِ الصَّحابةِ مِنْ المكانةِ على الخصوصِ.

وسيأتي بيانُ أثرِ مذهبِه في هذا الشَّرطِ في تفسيرِه بإذنِ الله.

٤ - أن يكونَ مِنْ الأحياءِ الموجودين في ذلك العصرِ، لا في كُلِّ العصورِ؛ لأنَّه مُمتنِعٌ، ومآلُه إلى إبطالِ الاستدلالِ بالإجماعِ، لأنَّ وجودَ أهلِ الإجماعِ مُتَّصلٌ في كُلِّ زمانٍ إلى قُبيلِ قيامِ السّاعةِ (٢). والقاعدةُ في هذا: أنَّ الماضي لا يُعتبَر، والمُستَقبلُ لا يُنتَظر. وقد سارَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تفسيرِه مُعتبراً هذا الشَّرطَ؛ حيثُ ينسِبُ الإجماعَ إلى الصَّحابةِ، والتّابعين، والسَّلفِ، ونحوِهم مِنْ أهلِ كُلِّ عصرٍ. (٣)

٥ - أن يكونَ المُجمعون عدولاً، ويتضمَّنُ ذلك الإسلامَ، والاستقامةَ اعتقاداً وعملاً. وعليه جمهورُ العلماءِ (٤)، والظَّاهرُ مِنْ صنيعِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) اشتراطُ ذلك؛ فإنَّه يُعرِّفُ أهلَ الإجماعِ في أكثرِ المواضِعِ ب (الحُجَّةِ)، وذلك يتضمَّنُ معنيَيْن هُما: أهليَّتَهم للاجتهادِ،


(١) جامع البيان ٨/ ٦٤٨.
(٢) ينظر: الفقيه والمتفقه ١/ ٤٠٠، ونزهة الخاطر العاطر ١/ ٣٠٦، وشرح الكوكب المنير ٢/ ٢٤٨.
(٣) ينظر: جامع البيان ١/ ١٦٩، ٢٢٣، ٥٨٠، ٤/ ١٦٢.
(٤) ينظر: أصول السَّرخسي ١/ ٣١٠، ونزهة الخاطر العاطر ١/ ٢٩٠، وشرح الكوكب المنير ٢/ ٢٢٨.

<<  <   >  >>