للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجودِ المُخالفِ المُعتبرِ (٣٥) إجماعاً (١)، والباقي إجماعاتٌ صحيحةٌ لا يُعتبَرُ فيها المُخالفُ، وعددُها (٦٣) إجماعاً، وفيما يأتي توجيهُ عدمِ اعتبارِ المُخالفِ فيها:

١ - أنَّ المُخالفَ فيها غيرُ معتبرٍ في أهلِ الإجماعِ؛ إمّا لعدمِ الأهليَّةِ؛ كخلافِ المعتزلةِ والقدريَّةِ، وإمّا لكونِه ليس مِنْ أهلِ الفَنِّ؛ فحكمُه فيه كالعامّيِّ؛ كخلافِ بعضِ أهلِ اللغةِ لأهلِ التَّفسيرِ كافَّةً، أو خلافِ بعضِ أهلِ التَّأويلِ لأهلِ العلمِ بالمغازي والسِّيَرِ فيما هو مِنْ عِلمِهم. ومثالُ ذلك قولُ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) في رَدِّه على القائلين بالتَّفويضِ مِنْ أهلِ القدرِ: «وفي إجماعِ أهلِ الإسلامِ جميعاً على تصويبِ قولِ القائلِ: اللهم إنّا نستعينُك. وتخطِئَتِهم قولَ القائلِ: اللهم لا تجُرْ علينا = دليلٌ واضِحٌ على خطأِ ما قالَ الذين وصفتُ قولَهم، إذْ كانَ تأويلُ قولِ القائلِ عندَهم: اللهم إنّا نستعينُك: اللهم لا تترُك معونتنا التي تركُكَها جَوْرٌ مِنك» (٢)، وقولُه: «وقد زعمَ بعضُ أهلِ العلمِ بالغريبِ مِنْ أهلِ البصرةِ (٣)، أنَّ مجازَ قولِه ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾ [الأنفال: ١١]: ويُفرغَ عليهم الصَّبرَ ويُنزِّلَه عليهم، فيَثبُتون لعدوِّهِم. وذلك قولٌ خلافٌ لقولِ جميعِ أهلِ التَّأويلِ مِنْ الصَّحابةِ


(١) سبقَ التَّمثيلُ لها، وينظر: جامع البيان ١/ ٦٩٣، ٢/ ٦٦، ٣/ ١٢٠، ٥٣٠، ٧٣٥، ٤/ ١٦٢، ٦/ ٣٠٧.
(٢) جامع البيان ١/ ١٦١ - ١٦٢. وينظر: ١٢/ ٥٨٣، ١٥/ ٥٤.
(٣) هو أبو عبيدة معمر بن المُثنّى (ت: ٢١٠)، في كتابِه مجاز القرآن ١/ ٢٤٢. وقد وصفَه ابنُ جريرٍ بعدمِ العلمِ بأقوالِ السَّلفِ وأهلِ التأويلِ، وردَّ عليه في كثيرٍ من المواضعِ، وينظر كتاب: أقوال أبي عبيدة في تفسيرِ الطبري.

<<  <   >  >>