للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو ما حدَّثني .. » (١)، ثُمَّ ذكرَ أثرَيْن عن عمرَ في معنى ذلك. ومثلُه قولُه بعدما ذَكرَ أوجهَ القراءةِ في ﴿السَّدَّيْنِ﴾ [الكهف: ٩٣]: «وممّا يُبينُ عن أن ذلك كذلك أنَّ جميعَ أهلِ التَّأويلِ الذين رُويَ لنا عنهم في ذلك قولٌ لم يُحكَ لنا عن أحدٍ مِنهم تفصيلٌ بين فتحِ ذلك وضَمِّه، ولو كانا مُختَلفَيْ المعنى لنُقِلَ الفصلُ مع التَّأويلِ إن شاءَ اللهُ، ولكن معنى ذلك كانَ عندَهم غيرَ مُفتَرِقٍ، ففَسَّروا الحرفَ بغيرِ تفصلٍ مِنهم بين ذلك. وأمّا ما رُويَ عن عكرمةَ في ذلك، فإنَّ الذي نقلَ ذلك عن أيّوبَ: هارونُ (٢). وفي نَقلِه نظرٌ، ولا نعرِفُ ذلك عن أيّوبَ مِنْ روايةِ ثِقاتِ أصحابِه» (٣)، وقد بلغت الإجماعاتُ مِنْ هذا النَّوعِ (٤) إجماعاتٍ.

٣ - أنَّ بعضَه يُظنُّ فيه مخالفٌ وليس الأمرُ كذلك؛ لأنَّ معنى أقوالِهم واحدٌ مُجمعٌ عليه، فيحكي فيه ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) الإجماعَ، ويظنُّه بعضُهم ممّا فيه خلافٌ، ومثالُه قولُ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) في قولِه تعالى ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٢٥]: «فالذين وجَّهوا تأويلَ ذلك إلى الزِّنا قالوا: الزِّنا ضررٌ في الدِّينِ، وهو مِنْ العَنَتِ. والذين وجَّهوه إلى الإثمِ قالوا: الآثامُ كُلُّها ضررٌ في الدِّينِ، وهي مِنْ العَنَتِ. والذين وجَّهوه إلى العقوبةِ التي تُعنِتُه في بدنِه مِنْ الحَدِّ فإنَّهم قالوا:


(١) جامع البيان ٣/ ٧١٥ - ٧١٦.
(٢) هارون هو ابنُ موسى الأعور المُقرئ (ت: قبل ٢٠٠)، وأيوبُ هو السّختياني (ت: ١٣١). ينظر: غاية النهاية ٢/ ٣٠٣، وتهذيب التهذيب ١/ ٢٠٠. وهارون بن موسى، والراوي عنه حجاجُ بن محمد، من أهل القراءاتِ المشهورين، وعنهم أخذَ القاسمُ بن سلام (ت: ٢٢٤) جُملةً من اختيارِه في القراءةِ كما في: قراءات القراء المعروفين، للأندرابي (ص: ١٤٢)، وينظر: غاية النهاية ١/ ١٨٦.
(٣) جامع البيان ١٥/ ٣٨٦. وينظر: ٦/ ٤٦٩، ٨/ ٣٣٢.

<<  <   >  >>