للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ - أنَّ خلافَ المُخالِفِ وقعَ بعدَ انعقادِ الإجماعِ، فلا يُعتبَرُ؛ وهذا التَّوجيهُ يصدُقُ على خلافِ بعضِ أتباعِ التّابعين ومَن بعدَهم، بعد استقرارِ اتِّفاقِ الصَّحابةِ والتّابعين على معنىً بلا خلافٍ، ويُمثَّلُ لذلك بانفرادِ عبدِ الرحمن بن زيدِ (١) (ت: ١٨٢)، وابنِ عُيَيْنة (٢) (ت: ١٩٨)، ونحوِهم. وقد بلغَتْ الإجماعاتُ التي حكاها ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) مع وجودِ المُخالفِ مِنْ هذا النَّوعِ: (٩) إجماعاتٍ. ومِن أمثلتِها قولُ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠): «وأَوْلى القَولَيْن في تأويلِ قولِه تعالى ﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾ [البقرة: ٢٤٣] بالصَّوابِ قولُ مَنْ قالَ: عنَى بالألوفِ كثرةَ العددِ. دون قولِ مَنْ قالَ: عنَى به الائتلافَ. بمعنى ائتلافِ قلوبِهم .. ؛ لإجماعِ الحُجَّةِ على أنَّ ذلك تأويلُ الآيةِ، ولا يُعارَضُ بالقولِ الشَّاذِّ ما استفاضَ به القَولُ مِنْ الصَّحابةِ والتّابعين» (٣)، والقائِلُ بالقولِ الثَّاني ابنُ زيدٍ (ت: ١٨٢). وكذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ﴾ [الحِجر: ١٩]: «مِنْ كُلِّ شيءٍ بقَدرٍ مُقَدَّرٍ، وبحدٍّ معلومٍ» (٤)، ثُمَّ ذكرَ قولَ ابنَ زيدٍ (ت: ١٨٢) بأنَّ المُرادَ: الأشياءَ التي تُوزَنُ؛ مِنْ


(١) بن أسلَم العَدَويّ المَدَنيّ، من الطبقةِ الوسطى من أتباعِ التّابعين؛ كثيرُ الرِّوايةِ، ضعيفُ الحديث، قالَ عنه ابنُ عدي (ت: ٣٦٥): «له أحاديثٌ حِسانٌ، وهو ممّن احتملَه النّاسُ، وصدَّقَه بعضُهم، وهو ممّن يُكتَبُ حديثُه». الكامل في الضعفاء ٥/ ٤٤٨. وينظر: الطبقات الكبرى ٣/ ٢٩٦، وتقريب التهذيب (ص: ٥٧٨).
(٢) هو سفيانُ بن عيينةَ بن أبي عمران، أبو محمدٍ الهلالي، من الطبقةِ الوسطى من أتباعِ التّابعين، كثيرُ الروايةِ، إمامٌ فقيهٌ حُجَّةٌ. ينظر: الطبقات الكبرى ٣/ ٣٣٣، وتقريب التهذيب (ص: ٣٩٥).
(٣) جامع البيان ٤/ ٤٢٣.
(٤) جامع البيان ١٤/ ٣٤.

<<  <   >  >>