للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثَ عشر: أنَّ واقِعَ الحالِ يشهدُ بتمامِ بيانِ الصَّحابةِ لجميعِ القرآنِ، فقد أبانوا للنّاسِ في أكثرَ مِنْ مشهدٍ سَعةَ علمِهم بكتابِ الله تعالى فلا يخفى على عامَّتِهم مِنه شيءٌ، كما قالَ ابنُ مسعودٍ : «والذي لا إله غيرُه ما نزلتْ آيةٌ مِنْ كتابِ الله إلّا وأنا أعلمُ فيمَ نزَلَتْ، وأينَ نزَلَتْ، ولو أعلمُ مكانَ أحدٍ أعلَمَ مِنّي بكتابِ الله تبلُغُه الإبلُ لأَتيتُه» (١)، وقالَ أبو الطُّفَيْل : «شهدتُ عليّاً يخطُبُ، وهو يقولُ: سَلوني، فوالله لا تسألوني عن شيءٍ إلا أخبرتُكُم. وسلوني عن كتابِ الله، فوالله ما مِنْ آيةٍ إلا وأنا أعلمُ أبِلَيْلٍ نزلَتْ، أمْ بنهارٍ، أمْ في سَهلٍ، أم في جَبلٍ» (٢)، ومِنهم المَؤيَّدُ مِنْ الله على البيانِ؛ بدُعاءِ رسولِ الله ، وذلك في قولِه لابنِ عبّاسٍ : «اللهم فقِّهه في الدِّينِ، وعلِّمه التَّأويلَ» (٣)، وقالَ ابنُ مسعودٍ : «نعمَ تُرجُمانُ القرآنِ ابنُ عبّاسٍ، لو أدركَ أسْنانَنا ما عَشَرَه منّا رجلٌ» (٤).

كما أنَّ من التّابعين من تلقّى جميعَ التفسيرِ عن الصَّحابةِ ، فقد سألَ مجاهدٌ (ت: ١٠٤) ابنَ عبّاسٍ عن تفسيرِ القرآنِ كاملاً، وقالَ:


(١) صحيح البخاري ٦/ ١٨٧ (٥٠٠٢)، وصحيح مسلم ٦/ ١٥ (٢٤٦٣).
(٢) تفسير عبد الرزاق ٣/ ٢٣٤، وجامع البيان ٢١/ ٤٨٠.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ١/ ٤١ (١٤٣)، ومسلم في صحيحه ٦/ ٣٢ (٢٤٧٧)، بدونِ قولِه: «وعلِّمه التأويل»، وأخرجه بها أحمدُ في مسنده ٤/ ٢٢٥ (٢٣٩٧)، وابنُ حبّان في صحيحه ١٥/ ٥٣١ (٧٠٥٥)، والحاكمُ في مستدركه ٣/ ٦١٥ (٦٢٨٠)، وصحَّحا إسنادَه، وكذا صحّحَه ابنُ عبد البرّ في الاستيعاب ٣/ ٩٣٥، والبوصيريُّ في إتحاف الخيرة ٧/ ٢٨٥، وحسَّنَه المقدسي في الأحاديثِ المُختارة ١٠/ ٢٢٣.
(٤) فضائل الصحابة، لأحمد بن حنبل ٢/ ٩٥٧، وجامع البيان ١/ ٨٤. ومعنى قولِه: «ما عَشَرَه» أي: ما بلغَ عُشرَ علمِه.

<<  <   >  >>