للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ إنَّ المعنى عمادُ الإعرابِ، وقد كانَ لتمكُّنِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) مِنْ تحديدِ المعاني وتحريرِها، واعتمادِه الأثرَ وأقوالَ السَّلفِ في ذلك = أكبرُ الأثرِ في اختيارِ وجوهِ إعرابِها، وتصحيحِ ما وافقَها، وردِّ ما خالَفَها، وذلك ما لَمْ يتيسَّرْ مثلُه لكثيرٍ مِنْ أهلِ اللُّغةِ قبلَه وبعدَه، فجاءَ اختيارُه اللُّغوي مستفيداً مِمَّنْ قبلَه، مُستقِلاً بنفسِه فيما دلَّ عليه دليلُ المعنى.

وفيما يأتي بيانٌ لضَوابط الاستدلالِ باللُّغةِ على المعاني ومسائِله عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠):

أوّلاً: أنزلَ الله تعالى كتابَه على عادةِ العربِ في كلامِها، وقد قرَّرَ ذلك ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في كثيرٍ مِنْ المواطنِ؛ ومِن ذلك قولُه: «وأمّا وجه صِحَّةِ القولِ في ذلك فهو أنَّ الله تعالى ذِكرُه خاطبَ بالقرآنِ العربَ على ما يعرفونَه مِنْ كلامِهم، وجرى به خِطابُهم بينَهم» (١)، وقولُه معلِّلاً قبولَ بعضِ المعاني: «لمّا كانَ مفهوماً في كلامِ العربِ معناه خاطبَهم بما في لُغتِهم وكلامِهم» (٢)، وقولُه: «وإنَّما يجوزُ توجيهُ معاني ما في كتابِ الله الذي أنزلَه على محمدٍ مِنْ الكلامِ إلى ما كانَ موجوداً مثلَه في كلامِ العربِ، دون ما لَمْ يكُنْ موجوداً في كلامِها» (٣)، وقولُه مُبطِلاً بعضَ المعاني: «فإن أجازوا ذلك خرجوا مِنْ معروفِ كلامِ العربِ، وخالفوا مَنطِقها، وما يُعرفُ في لسانِها» (٤).


(١) جامع البيان ١٦/ ٣٨.
(٢) جامع البيان ١٥/ ١٤٤ طبعة/ شاكر.
(٣) جامع البيان ٢/ ٦٤٤.
(٤) جامع البيان ٢/ ٤٧١. وينظر: ٢/ ٢٤٩، ٣/ ٦٣٤، ١٢/ ٢٨٨، ٢٤/ ٧٣٧.

<<  <   >  >>